حول فكرة التقريب بین المذاهب[١]

 قبساتٌ من فوائد وكيل مشيخة الإسلام محمد زاهد الكوثرِى
المتوفى سنة ١٣٧١هـ رحمه الله تعالى

الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى ءَالِهِ وصحبه الطيبين الطاهرين وبعد فإن كان المقصود من هذا التقريبِ التقريبَ بين مذاهب أهل السنة المتوارثة عن أئمة الهدى المعروفين رضِى الله عنهم فالسَّعْىُ فى ذلك سَعْىٌ فى تحصيل الحاصل بالنظر إلى أنَّ أئمة تلك المذاهب كأسرة واحدة فى خدمة الدين وتبيين طرق الاستنباط من الكتاب والسنة والاحتجاج بالإجماع والقياس بشروط خاصة حتى نَضج الفقه الإسلامِىّ على أيديهم وأصبح هؤلاء الأئمة موضع ثقة الأمة على توالِى القرون لما خبروا من سعة مداركهم وعظم يقظتهم وكبر إخلاصهم وتفانيهم فى خدمة شرع الله.

فترَى أبا حنيفة على تقدم سنه لا يأنف أن يَطَّلِعَ على كتب مالك بن أنس كما ذكره ابن أبِى حاتم فى (تقدمة معرفة الجرح والتعديل) مع أنَّه كان وارث علوم أصحاب ابن مسعود وعلِىّ بن أبِى طالب رضِى الله عنهماالذين كانت الكوفة امتلأت بهم بل كان أصحاب ابن مسعود وأصحاب أصحابه هناك يبلغون نحو أربعة ءالاف عالم وقارئ وكان يرأس هناك مجمعًا فقهيًا عظيمًا كيانه من نحو أربعين عالمًا من أفذاذ أصحابه يتدارسون فيه الفقه ويحاكمون بين أدلة المسائل إلى أن يستبين الصواب كوكب الصبح فتدون المسائل الممحصة فى الكتاب وهذه كانت طريقة بديعة جدًّا فى التفقيه وبها رتفع شأن العراق فى الفقه فى جميع البيئات العلمية.

وكذلك كان مالك عالمَ دار الهجرة الذِى ورث فقه الفقهاء السبعة من أهل المدينة بواسطة شيوخه تلاميذ هؤلاء السبعة الفقهاء يتحين مجِىء أبِى حنيفة إلى الحج والزيارة فيتصل به ويدارسه العلم ويطالع كتبه حتى اجتمع عنده نحو ستين ألف مسألة من مسائل أبي حنيفة كما ذكره عماد الإسلام مسعود بن شيبة السندِىُّ فى مقدمة كتاب التعليم ولذا ترَى بعض أئمة المالكية يُوصِى بالأخذ بقول أبِى حنيفة فيما لا رواية فيه عن مالك.

وكذلك الإمام المطلبي محمد بن إدريس الشافعِىّ عالم مكة المكرمة يَرحل فى نشأته إلى المدينة المنورة ويسمع من مالك الموطأ وعند وروده بغداد من اليمن سنة ١٨٤ هـ يتصل بمحمد بن الحسن ويتفقه عليه ويتلقَى منه حمل بُخْتِىّ من الكتب ليس عليها إلا سماعه ويأخذ عن يوسف بن خالد السمتِى وغيره من أصحاب أبِى حنيفة وهكذا جَمَعَ بين الطريقتين المدنية والعراقية فى الفقه ثم ألف قديمه المعروف بالحُجة ونشره بالعراق ثم ألف جديده المعروفَ بالأمّ فنشره بمصر وقد امتلأ الكون بكتبه وكتب أصحابه.

وأحمد بن حنبل تَلَقَّى من أبِى يوسف ثلاثة قماطر من العلم فى ثلاث سنوات واستفاد من كتب محمد بن الحسن دقائق المسائل وأخذ عن أسد بن عمرو صاحب أبِى حنيفة ثم تفقه على الشافعِىّ عند مجيئه إلى العراق سنة ١٩٥ هـ وقد جمع بين فقه علوم فقهاء الأمصار على سَعَةِ روايته فى الحديث حتى كان مرجع العلماء فى السؤال عن مسائل أئمة الفقه فكان أحمد بن الفرج يسأله عن مسائل مالك وأهل المدينة وكان إسحاق بن منصور الكَوْسَجروايةَ فقهِهِ و فقهِ ابن راهويهيسأله عن مسائل سفيان الثورِىّ وكان الميمونِىُّ يسأله عن مسائل الأوزاعِىِّ وكان إسماعيل بن سعيد الجرجانِىُّ الشالَنْجِىُّ يسأله عن مسائل أبِى حنيفة وأصحابه لكنه كان يأبَى تدوين المسائل أمامه تحت إشرافِهِ حذرًا من التبعة حتى إنه لما بلغه أن الكوسج يروِى عنه مسائل فى خراسان جمع أصحابه وأشهدهم على أنَّه رجع عن تلك المسائل مع أن كتاب أبِى يعقوب إسحاق بن منصور الكوسج فى مسائل أحمد وابن راهوية وهو موجودٌ بظاهرية دمشق يُعَوِّلُ عليه الترمذِىُّ فى مذهب أحمد وإسحاق فى المسائل ولم يكن رجوع أحمد عنها لضعفٍ فيها بل خوفًا من التبعة وهذا لون من الورع أوجب كثرةَ الاختلاف فى مسائله حيث لم يشرف على تدوينها حتى يُرْوَى عنه فى بعض المسائل نحو عشر روايات وءَافَةُ ذلك الرواة عنه وقد ركب أبو بكر بن الخلال راحلته فى زمن متأخر فتنقل فى البلاد يسجل مسائل أحمد من أفواه أصحابه وأصحاب أصحابه فبلغ ما سجله أربعين مجلدًا تجمع مختلف الروايات عنه فأتعبَ فقهاءَ مذهبِ أحمد فى تمحيص تلك الروايات ومِن أحسنِ مَنْ قام بتحرير تلك الروايات وهو صاحب منتقى الأخبار عبد السلام بن تيمية الحرانِىّ رحمه الله فى كتابه (المحرر) فجزاه الله عن العلم خيرًا.

فهؤلاء الأئمة كانوا كأسرة واحدة فى خدمة شرع الله كما سبق، يأخذ هذا من ذاك وذاك من هذا. وأما الحكايات المرويةُ عن بعضهم فِى بعضٍ فصنعُ يدِ المتهالكين على حُطام الدنيا المتزاحمين على القضاء أو اختلاقُ بعضِ مَنْ نحا ناحية الانحراف عن الجادة فى باب الاعتقاد فاستباح أعراض الأبرياء من غير ورع حاجز، وإلا فالأئمة وكبار أصحابهم بُرَءَاءُ من مثل تلك الأكاذيب بل هم على إخاء كامل والتواصل بينهم أمر حاصل لأن ثُلَثَى المسائل الفقهية مسائلَ وفاق بينهم والثلث الباقِى يدور أمره بين أن يكون مقتضَى التقوَى فِى مسألة خاصة منه فِى مذهب خاص ومقتضَى الفتوَى فِى تلك المسألة فى المذاهب الأخرى وبين أن يكون المقتضيان على خلاف ذلك فى سائر المسائل فتكون المذاهب متحدةً فى مسائل الوفاق و يدور الأمر بين الأحوط والأيسر فى مسائل الخلاف فلا يكون هذا فى شىء من الخلاف الحقيقِى بل هذا جرَى على مقتضَى اختلاف طبيعة الدليل فى نظرٍ ونظرٍ، وأخذَ بالأحوطِ رجالٌ وبالأيسرِ رجالٌ.

و قد ألف أهل العلم منذ قديم كتبًا فى بيان وجوه التقارب بين المذاهب بتوزع موجب التقوَى وموجب الفتوَى عليها بالنظر إلى مسائل ومسائل، والساعون فى تكبير الخلاف بينهم أناس مدفوعون ضاق أفق تفكيرهم وتبصرهم أو شراذمُ يبغون المزاحمة على القضاء حرصًا على حطام الدنيا فدونك كتاب الجمع بين التقوَى والفتوَى فى مهمات الدين و الدنيا لأبِى العلاء صاعد بن أحمد بن أبِى بكر الرازِىّ من رجال القرن السادس وَزَّعَ فيه مسائل الخلاف على نوعين مقتضَى التقوَى ومقتضى الفتوى كما أنَّ كتاب ميزان الشعرانِىّ يقسم المسائل على قسمَىْ العزيمة والرخصة على أغلاطٍ فى نسبة المسائل إلى الأئمة اغترارًا بما رَءَاهُ فِى رحمة الأمة لأبِى عبد الله محمد بن عبد الرحمن العثمانِىّ.

هذا بالنظر إلى المسائل المجردة وإما بالنظر إلى أدلة المسائل فدونك اختلاف الفقهاء ومشكل الآثار ومعانِى الآثار لأبِى جعفر الطحاوِىّ وأحكام القرءان وشرح مختصر الطحاوِىّ وشرح الجامع الكبير لأبِى بكر الجصاص والتجريد لأبِى الحسن القدورِىّ والنوادر والزيادات لابن أبِى زيد القيروانىّ والاستذكار والتمهيد لابن عبد البر والمصنف لعبد الرزاق والمصنف لابن أبِى شيبة ومعرفة السنن للبيهقِىّ والحاوِىَ لأبِى الحسن الماوردِىّ ونهاية المطلب فى دراية المذهب لإمام الحرمين و المغنِىَ للموافق بن قدامة ونحوها تتبين فيها مدارك الأئمة وأدلتهم على ما ذهبوا إليه مما يكاد أن يكون خلافهم فيه لا يعدو التقوَى أو الفتوَى والأخذ بالعزيمة أو الرخصة فى حال و حال على اتفاقهم فى أصول الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس.

وأما نفاة القياس من الظاهرية وبعض الشيعة فلا يُسَلَّمُ لهم الاجتهاد فى موارد النصوص وعليهم السكوت فى غير موارد النصوص فى مذهبهم والساكت فى غير موارد النصوص عن رَدِّ النظير إلى النظير يكون قد اعتراف أنَّه لا حظ له من الاجتهاد فيكون خلافه كلا خلاف حيث لا يُبْتَنَى على أساس.

ثم إن تسعة أعشار المسلمين على أقل تقدير اتباع أئمة الهدَى المعروفين فمحاولة تسيير هؤلاء الكثرة العظيمة وراء شرذمةٍ ضئيلة من شذاذ الخوارج والروافض واللامذهبية الحدثاء لا تكون إلا هدمًا لكيان الفقه الإسلامِىّ المتوارث وقلبًا للأمر رأسًا على عقب وسعيًا فى الإفساد باسم الإصلاح وتصرفًا فضوليًا ممن لا يَدِينُ بمذاهب الأئمة المتبوعين فمحاولة اتباع الكثرة العظمَى للأقلية الضئيلِة جِدِّ الضآلة هكذا لا تكون غيرَ نفخٍ فى كير الفتنة فيكون أول من يكتوِى بنارها هو القائم بإشعال نار الفتنة.

وأما مذهب زيد بن علِى زين العابدين رضِى الله عنهما فالكلام فيه كالكلام فى مذاهب أهل السنة للتوافق فى معظم المسائل بين مذهبه ومذهب أبِى حنيفة لاتحاد مصدر المذهبين لأخذهما من أهل الكوفة من أصحاب علِى وابن مسعود رضِى الله عنهما فى الغالب وفى باقِى المسائل على اتفاق مع باقِى الأئمة ومع بعض السلف رحمهم اللهوأصول الأدلة عند الجميع متحدة تقريبًا كما أوضحتُ ذلك فى كلمتِى عن  الروض النضير فى شرح المجموع الفقهِىّ الكبير فى مذهبهم والكلماتُ الخطرة فى المذهب الزيدِىّ من ناحية الاعتقاد إنما هي فيما يعزَى إلى الجارودية خاصة.

وأما غلاة الروافض فى بلاد الهند وإقليم فارس والديلم وخراسان المجترئون بعد الصلوات الخمس على لعن أبِى بكر وعمر وعثمان وعائشة وحفصة رضِى الله عنهم وقَبَّحَ مبغضيهم معتقدين وجوب ذلك عليهم فلا تُستغرب منهم القسوة على مذاهب أهل السنة إلى حَدِّ وقوع سفك دماء بين الفريقين بين حينٍ وءَاخَرَ فى الهند خاصة متناسين أنهم إخوان يَقْوَوْنَ بالتآخِى والتصافِى ويذلون بالتناحر والتجافِى إلى أن يصبحوا لقمةً سائغة فى حلق المغتصب الماكر. وقد شرح أحوالهم المحدث عبد العزيز الدهلوِىّ فى التحفة الإثنَى عشرية وهِى فى أربعمائة صفحة كبيرة باللغة الفارسية وترجمها إلى العربية غلام محمد الأسلمِىُّ الهندِىُّ ولخص هذه الترجمة محمد شكرِى الآلوسِىّ والكتب الثلاثة مطبوعة بالهند وقد توسع المؤلف فى بيان نشأتهم وخصائص طوائفهم وعقائدهم وشواذ مسائلهم مع ذكر مصادرها فى اثنَى عشر بابًا على عدد الأئمة الإثنَى عشر رضِى الله عنهم وهذا الكتاب نَفَعَ كثيرًا فى إيقاف المتغالين منهم عند حدودهم لإبرازه من الكتب المتعمدة عندهم نصوصًا مستهجنةً لا تَقْوَى أمام النقد بالعقل والنقل إلا أنَّ المغتصب الجارِى على دستور فرق تَسُد سلكَ طريقَ الدسِّ معهم وأفقدهم الشعور بخطر التناحر فمضوا على ما هم عليه على توالِى النذر.

و أما بلاد فارس وما والاها فكانت مرتعَ الغلاة القساة منذ عهد الصفوية فزال أهل السنة من تلك الديار حيث لم يمكنهم أن يعيشوا معهم فأصبحتِ السُّنَّةُ هناك أثرًا بعد عينٍ وكان نادر شاه حاول فى عهد حكمه التوفيق بطريق المناظرة فقام العلامة عبد الله السويدِىُّ عالم بغداد الُمتَرْجَمُ له فى سلك الدرر بدور علمِىّ عظيم فى ذلك حتى ألَّف الصارم الحديد فى الردِّ على ابن أبِى الحديد فى نحو ألف صفحة من القطع الكبير وهو محفوظ بمكتبة الفاتح بالآستانة وكان منهجه المنهجَ العلمِىَّ المحضَ لكن عَلِمَ الملأُ بعد ذلك كله أنَّ العِلْمَ قَلَّمَا ينفعُ فى تقريب أمثال تلك الطوائف التِى نَشْأَتُهَا مِن عاطفة سياسية كما لم يُفِدِ السيفُ غيرَ استفحال الشر فى سابق الأجيال.

وأما أهل العراق فبينهم أفاضل أيقاظ يغارون على مستقبل الإسلام لكنهم لا يستطيعون أن يعملوا شيئًا سوَى إبداءَ أمانِىَ طيبةً حيث لا يمكنهم الشذوذ عن إخوانهم فى الهند وبلاد فارس وهم تحت تأثير الغلاة الذين ربما تكون عندهم دوافع عنصرية يستغلها مَن لا يضمر للإسلام خيرًا على توالِى الغفلات.

والتَّصَافِى بين طوائف تحمل اسم الإسلام غاية نبيلة ينشدها كل مسلم مفكر غَيُور بشرط أن لا يكون الطريق الذِى يختار للوصول إليها شائكًا غيرَ مأمون العواقب وليس طريق ذلك تنازل أهل السنة عن مسائل وعقائد ليندمجوا فى الآخرين فتكون لجنة التقريب سلكت طريقًا يؤدِى إلى زيادة التبعيد لا إلى التقريب.

وإنَّما الطريق الموصل إلى الغاية المنشودة إن كانوا جادين لا هازلين التمهيد لذلك قبل كل شىء بعقد مؤتمرات فى بلاد الشيعة بين علمائها وحدهم ليتبادلوا الآراء فيما إذا كان شذوذهم عما عليه تسعة أعشار المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها فى مصلحة الإسلام أو مصلحة المغتصبين وفيما إذا كانت الأصول الأربعة المعتبرة عندهم الكافِى للكلينِى ومن لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمِى وتهذيب الأحكام والاستبصار كلاهما لمحمد بن الحسن الطوسِىّ وتلك الأربعة من محفوظات دار الكتب المصرية تصلح للاستبقاء فى أعلى درجات الصحة عندهم مع ما حوته من الروايات الباطلة الماسة بكتاب الله وبالسنة الواردة بطريق رجال الصدر الأول مما لا تُتَصَوَّرُ مصادقة أهل السنة عليه لاستحالة تخليهم عن الكتاب والسنة وهكذا يفعل علماء السنة فى بلادهم أنفسهم لينظروا فيما هو ممكن أو غير ممكن فى هذا السبيل وبعد التمهيد هكذا فى بلاد الطرفين عن إخلاصٍ لا تحت سلطان جمعيات سرية غربية يفيد الاتصال المباشر بين علماء الفريقين. وأما تطوع فرد لهذه المهمة من غير تمهيد ولا تفويض فربما يُعَّدُ من قبيل وافد يُحتمَى منه.

والحكمة تقضِى بالابتعاد عن بحث المسائل مباشرة قبل ذلك التمهيد وإلا نكون فتحنا بابَ جدلٍ يزيد فِى التجافِى للاختلاف البعيد الشقة بيننا وبينهم حتى فى أصول الأدلة فالكتاب والسنة يتبعان عندهم لِمَا رَسَمَهُ الكافِى مِنَ الروايات ومِنَ الُمحال أن يَتَخَلَّى أهلُ السنة عن الكتاب والسنة تَوَدُّدًا إليهم، والإجماعُ لا يكون حجة عندهم إلا إذا كان مع المجتمعين إمامٌ معصوم فى نظرهم فالاعتداد عندهم على الإمام لا على الإجماع، والقياس الفقهِىُّ ليس بحجة عندهم ومَنْ لا قياس عنده، لا فقه عنده وتَطَاولُهُمْ على أئمة السنة فى روضات الجناب وغيرها فى غاية الشناعة والبشاعة ولهم أكاذيب عجيبة على مذاهب السنة أود أن لا أضطر إلى ذكر نماذج منها ولا من شواذ مسائلهم البشعة.

والكَلِينِىُّ يجعل عدد ءايات القرءان سبعةَ عشرَ ألفَ ءايةٍ وأنت تعرف أنَّ ءَاىَ القرءان الحكيم أقلُّ من نصف ذلك المقدار، والسنةُ عبارةٌ عندهم عن روايات الأئمة المعصومين فى نظرهم فلا يكون لغير علِىّ كرم الله وجه وابنيه رضِى الله عنهما من الصحابة والتابعين اعتبار فى الرواية وهذا نَبْذٌ للسُّنَّةِ على طول الخط فلنحذر من إثارة هذه البحوث فى غير أوانها وقبل التمهيد لها لئلا نكون ساعين فى استفحالِ شَرِّ التباعد باسم التقارب ولعلَّ الُموَجِّهَ الأصلِىَّ يقصد ذلك.

وحينما نرَى دعاةً يَسْعَوْنَ فى التقريب أو التوحيد بين المذاهب والنِّحَلِ بمصر نرَى تَشَكُّلَ جماعةِ إخوان الصفاء بها أيضًا من رجالِ شتَى الأديان كأنَّما التاريخ يعيد نفسه، وكذلك نرَى دعوات توجه إلى رجال البلاد من لجنة تشكلت فى الهند تحت رعاية بعض قدماء دكاترة جامعة عليكره تدعوهم إلى مشارطتهم فى التقريب بين الطوائف البشرية من مسلمين ونصارَى ويهود وبوذيين وبراهمة وقاديانيين وإسماعيليين وغيرهم استغلالًا لاشتراك جميع هؤلاء فى بعض الأسس وذلك كلُّه يجرِى فى وقت تشغل فيه المسلمين عامة مسائلُ خطرةٌ هامَّةٌ فيا ترَى من أين تلك التوجيهات المدبرة ومن أين تلك الأصابع المحركة لهؤلاء السادة فى مثل هذه الظروف بدون منهج سديد واتجاه رشيد؟!

انتهى. والله تعالى أعلم.


  [١]المرجع كتاب مقالات الكوثرِى لوكيل كشيخة الإسلام محمد زاهد الكوثرِى.