بيان بطلان الشبه التِى احتج بها مَنْ أباح توسعة المسعى(١) [١]

قبساتٌ من فوائد العالم الشهيد أحمد صادق الدمشقِىّ
رحمه الله تعالى

الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وسلم.

أيها القارئ الكريم إن كنت من العلماء أو طلاب العلم الذين درسوا الفقه وأصوله فأنت تعلم بداهةً أنّ المسائل المُجمَع عليها لا تحتاج لدليل يُثبِتها إلاّ على سبيل الاستئناس ولا تقبل أى دليل لنقضها فإذا ثبت لديك أنه من عهد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عام 1427هـ كان جميع المسلمين يسعون فى مكان محدَّد وأنه لم يُنقَل عن أى مسلم أنه سعى خارج المسعى فهل ثمة إجماع أقوى من هذا الإجماع؟! وهل يمكن لدليل أو أكثر أن يقف فى وجه هذا الإجماع؟ حتى إنه لو أجمعت الأمة فى عصرنا على صحة السعى خارج المسعى المعروف لَمَا صح إجماعها لأنّ القاعدة أنّ الإجماع المتقدِّم لا يُنسَخ بإجماع لاحق فكيف إذا علمنا أنّ جميع الأدلة التى أوردها المبيحون لتوسعة المسعى ليست أدلة إنما هِى شبهٌ عائمةٌ كما ستحكم بنفسك!!

الشبهة الأولى

قال مبيحو التوسعة (صدر صكّ رسمىٌّ أنه قد شهد ثلاثون شاهدًا عدلًا أن جبلى الصفا والمروة كانا عريضين أكثر من عرض المسعى الحالِى بحيث تكون التوسعة الجديدة ضمن الصفا والمروة ونحن نكتفى بشهادة شاهدين لإثبات قضايا هامة للمسلمين مثل صيام رمضان ووقوف عرفات فكيف هنا حيث يوجد ثلاثون شاهداً؟).

الجواب: هذه أقوى شُبَهِ مبيحِى التوسعة وكثيرٌ من الذين أفتوا بصحة توسعة المسعى اعتمدوا على هذا الدليل فقط علماً أنّ هذا الدليل باطل بطلاناً واضحاً كما سترى ولكن التلبيس جاء من جهة أنّ القائمين على التوسعة يَذكرون هذا الدليل لِيُقنعوا علماء المسلمين بصحة التوسعة ولكنهم لا يُعلمونهم بتفاصيل الشهادة ولا ملابساتها لذلك فإنى سأذكر تفاصيل الشهادة وملابساتها وتناقضاتها وستحكم بنفسك أنّ القائمين على التوسعة دلّسوا وخدعوا بل تعمّدوا الكذب على المسلمين بهذا الدليل لِيُمرّروا توسعتهم وسأردّ على هذا الدليل بردود كثيرة وكلّ ردٍّ يصلح لرد شهادة هؤلاء مِن أصلها وإنما أردتُ ردّ هذه الشهادة مِن أكثرَ مِن وجهٍ لأنّ بعض العوام ربما لا يُقنعه ردٌّ أو اثنان فسيجد ردوداً أخرى تقنعه والآن إليك الردود ولكنى أنبه أننى لن أتعرض للشهود بقدح فى عدالتهم أو صدقهم بل سأنطلق مِن أنهم شهود عدول ثقات صادقون

  1. لدينا صورٌ فتوغرافية وخرائطُ محفوظةٌ بشكلٍ رسمىٍّ فى متاحف أكثر مِن دولة إسلامية وعالمية وهذه الصور والخرائط مطبوعة ضمن كتب كثيرة ومنتشرة وهذه الصور والخرائط تبين الصفا والمروة ويَظهر فيها أنّ الصفا والمروة لا يزيدان عن المسعى المعروف فهل نُكذِّب هذه الصور التى شهد من أخذها وتلقاها ورءاها من أهل الحرم أو زائريه أنها صحيحة ثم نعتمد على إخبار شهودٍ يشهدون على ما يذكرونه وهم صغار منذ عشرات السنين؟!
  2. أثبتنا فى هذا الكتاب أنه منذ زمن النبى صلى الله عليه وسلم وحتى عصرنا الحالى قبل التوسعات السعودية والصفا والمروة بَقِيا على شكلهما وحالهما كما كانا فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم  ولم يَتعرض أحد من الخلفاء أو غيرهم لأى تغيير فيهما أو تنقيص أو زيادة عليهما وقد وصف عشرات العلماء والرحالة المسلمين وغيرهم([٢]) هذين الجبلين بكلام واضح وقياسات دقيقة وكلُّهم متفقون على كلام واحد يوافق ما نشاهده من عرض المسعى المعروف هل نقبل بعد هذا أن يأتى شهود ليتذكروا أنّ الجبلين كانا أعرض مما نشاهده بأكثرَ من الضعف؟! وهل يقبل أن نكذب بشهادة جميع العلماء على مرّ العصور ونصدق ذاكرة هؤلاء الشهود؟!
  3. بتاريخ 1374هـ أمر الديوان الملكى بهدم بعض الدُّور الملاصقة للصفا فأمر وزير الداخلية بتشكيل لجنة من العلماء لإظهار حدود المسعى بحسب الوضع القائم بعد الهدم فاصطحبت اللجنةُ معها مهندساً فنيًّا وعاينوا الموقع ثم أصدروا قرارًا يوضِّح بدقةٍ كاملَ التفاصيل لحدود المسعى بالعلامات المشاهَدة التى لم تُهدم بعدُ وبقياس المسافات ثم أُحِيل القرار إلى مفتى عام المملكة ورئيس القضاة فتوجه للموقع وعاينه وسأل رجالاً ثقاتٍ ثم كتب تأييده للقرار وكلّ ما كتبوه ووصفوه يوافق ما نعلمه عن عرض الصفا والمروة ويخالف ما يقوله الشهود من أنّ الصفا والمروة كانا أعرض من المسعى الحالِى والآن نقول كيف نكذِّب شهادة هذه اللجنة التِى رأتْ وتفحَّصت ونصدق هؤلاء الشهود؟! إنّ العاقل ليقول صدقت اللجنة التى شاهدت ما يوافق كلام جميع المسلمين ووهم الشهود بما تذكروه عن عرض الصفا والمروة عندما كانوا صفارًا قبل عشرات السنين.
  4. بتاريخ ١٠/٢/١٣٧٨هـ وأثناء إجراء لجنة بناء الحرم بعضَ التسهيلات فى أرض المسعى لتسهيل صعود الناس على الصفا وعلى المروة ثارتْ ثائرة أهل مكة لأنّ حدود الصفا والمروة عرضًا ستشتبه على بعض الآفاقيين مما سيجعلهم يسعَون خارج المسعى فأمرتْ وزارة الداخلية بتشكيل لجنة من ثمانية شيوخ من أهم وأشهر شيوخ المملكة للوقوف على الموضوع على أرض الواقع فقامت اللجنة بعملها ووصفت حال المسعى وأنّ الصفا والمروة على حالهما ظاهرَين يَتميّز طرفاهما للعِيان ويُشاهَدان بشكل واضح فقالت بالحرف الواحد (وبالنظر لكون الصفا شرعًا هو الصخرات الملساء التى تقع فى سفح جبل أبى قُبَيس ولكون الصخرات المذكورة لا تزال موجودة للآن وبادية للعِيان فقد جرى ذَرْعُ عرض الصفا ابتداءً من الطرف الغربِىّ للصخرات إلى نهاية محاذاة الطرف الشرقى للصخرات المذكورة فى مسامتة موضع العقود القديمة فظهر أنّ العرض المذكور يبلغ ستة عشر مترًا)([٣]) .  والذى يعنينا من هذا البيان أن نقول لقد تعارضتْ شهادة الشهود مع شهادة هذه اللجنة من العلماء فقالت اللجنة بحسب رأى العين إنّ الجبلين واضحان وعرضهما واضحٌ ومميّز للجميع وفَصَّلُوا عرضَهما بما يوافق ما كنا نراه حتى عام 1428هـ وقال الشهود إننا نذكر قبل أكثر من خمسين سنة أنّ الجبلين كانا عريضين أكثر من عرضهما الحالى بكثير فكيف نأخذَ بقول الشهود الذين يذكرون مِن أكثر من خمسين سنة أنّ الصفا والمروة عريضان ونَرُدَّ شهادةً رسمية مِن علماءَ شاهدوا بأعينهم ووصفوا بدقة تامة ما شاهدوه ؟! الجواب لا يشكّ عاقل بأنّ الحقّ ما قالته اللجنة التِى لم يُنقل أى اعتراض عليها من زمنهم حتى عام 1427هـ وخاصة إذا أخذنا ملابسات تشكيل اللجنة أنها لفضّ نزاع بين أهل مكة وبين لجنة بناء الحرم حول وضوح تحديد عرض المسعى وأمّا شهادة الشهود فإنها جاءت وفيها كثير من الملابسات التى تلزمنا بردّ شهادة الشهود.
  5. إنّ رئاسة شؤون الحرم وضعت خريطةً فى جميع ساحات الحرم المكى فيها تفصيل كامل مناطق الحرم وما حوله بعنوان (مخطط إرشادى للمسجد الحرام) قرأها ملايين الناس خلال سنوات طويلة وفى هذه الخريطة (حدّ جبل الصفا داخلَ دائرة السعى مكتنَف بـباب أبى قُبَيس رقم ١٢ وسُلَّم أبى قُبَيس رقم ١٣) فهذه الخريطة الرسمية والصادرة عن مكتبٍ لوضع الخرائط الرسمية فى المملكة وهو خرائط الفارسِىّ تدلّ دلالة واضحة أنّ التوسعة الحالية للمسعَى بُنيتْ خارجَ ما بين الصفا والمروة.
  6. إنّ طريقة تسلسل إعلان شهادة الثلاثين شاهدًا مثيرة للريبة والشك ففى البداية صدر صكّ رسمى عن المحكمة العامة بمكة المكرمة ونُشِرَتْ تفاصيلُ شهادة ٧ شهود فتكلم العلماءُ عن هذه الشهادة بأنها مردودة لأسباب سأذكرها بعد قليل وأهمُّ أسباب ردّ هذه الشهادة أنّ أول شاهد لا يَتذكّر شيئًا عن عرض الصفا ولا عن عرض المروة فهل هذه شهادة؟!
  7. والآن سأنقل نصّ الصكّ الشرعى الذى أُثبتتْ فيه شهادة الشهود السبعة وأعلّق عليه ليرى القارئُ الكريم بنفسه أنّ قصة الشهود إنما حِيكَتْ كـتمثيلية وخدْعةٍ مِن القائمين على توسعة المسعى للمسلمين ومشايخهم كى يَصلوا بالنتيجة إلى تصديق المسلمين لهم فى كَذْبة أنّ الصفا والمروة كانا عريضين.

ثم لَمَّا رأى المسؤولون عن توسعة المسعى الردّ المُسكِت أعلنوا بشكل رسمى أنه انضمّ للشهود 13 شاهدًا ليصبح المجموع 20 شاهدًا فطالبهم العلماءُ بإبراز نصّ شهادة الشهود فأُحرجوا وإلى الآن لم يُبرزوا شيئًا.

ثم نَشروا فى جميع مواقع الإنترنت أنه أضيفت ١٠ شهادات ليصل العدد إلى ٣٠ شاهدًا وجميع المشايخ والمواقع تتناقل أنّ عدد الشهود ٣٠ شاهدًا أفتريدوننا بعد هذا أن نقتنع بأنّ الجهات الناشرة لهذه الشهادات تريد إظهار الحق؟!

والآن إليكم ما جاء فى الصكّ الشرعى الموثَّقة فيه شهادةُ الشهود بالمحكمة العامة بمكة المكرمة لدى القاضى الشيخ عبد الله بن ناصر الصبيحى برقم ١٥٨/٤٤/١١ تاريخ ٢٥/١٢/١٤٢٧هـ:

فى يوم الأحد الموافق ٢٤/١٢/١٤٢٧هـ حسب تقويم أم القرى حضر عميد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج الدكتور أسامة بن فضل البار([٤]) وأَحضر معه فوزان بن سلطان بن راجح العبدلى الشريف حامل البطاقة رقم ١٠٠١٦٤٠٦٦ وهو من مواليد عام ١٣٤٩هـ فقرر قائلًا (إننى أذكر أنّ جبل المروة يمتد شمالاً متصلاً بجبل قُعَيْقِعان([٥]) وأمّا من الجهة الشرقية فلا أتذكر وأما موضوع الصفا فإننى أتوقف).

كما حضر الدكتور عويد بن عياد بن عايد الكحيلى المطرفى حامل دفتر العائلة رقم 1001787769 وهو من مواليد عام 1353هـ وقرر قائلًا (إنّ جبل المروة كان يمتد شرقاً من موقعه الحالى بما لا يقل عن ثمانية وثلاثين مترًا([٦]) وأمّا الصفا فإنه يمتد شرقاً بأكثر من ذلك بكثير).

كما حضر فضيلة كبير سدنة البيت الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد القادر شيبى حامل البطاقة رقم ١٠٠٧١٣٩٩٤٠ وهو من مواليد عام ١٣٤٩هـ فقرر قائلًا (إن جبل المروة يمتد شرقًا وغربًا وشمالًا ولا أتذكر تحديد ذلك بالمتر وأما الصفا فإنه يمتد شرقًا بمسافة طويلة حتى يقرب من القشاشية بما لا يزيد عن خمسين مترًا).

كما حضر حسنى بن صالح بن محمد سابق حامل البطاقة رقم ١٠٠٤٠٨٠٥٦٨ وهو من مواليد عام ١٣٥٧هـ وقرر قائلًا (إن جبل المروة يمتد غربًا ويمتد شرقًا بما لا يقل عن اثنين وثلاثين متراً وكنا نشاهد البيوت على الجبل ولما أزيلت البيوت ظهر الجبل وتم تكسيره فى المشروع وأما جبل الصفا فإنه يمتد من جهة الشرق بأكثر من خمسة وثلاثين أو أربعين مترًا).

كما حضر مدير جامعة الملك عبد العزيز السابق معالى الأستاذ الدكتور محمد بن عمر بن عبد الله زبير حامل البطاقة رقم ١٠٥٠٦٤٠٥٥٤ وهو من مواليد عام ١٣٥١هـ وقرر قائلًا (إن المروة لا علم لى بها وأما الصفا فالذى كنت أشاهده أن الذى يسعى كان ينزل من الصفا ويدخل فى برحة يمينه وهذه البرحة يعتبرونها من شارع القشاشية ثم يعود إلى امتداد المسعى([٧]) بما يدل على أن المسعى فى تلك الأماكن أوسع).

كما حضر الدكتور درويش بن صديق بن درويش جستنيه حامل البطاقة رقم 1019559580 وهو من مواليد عام 1357هـ فقرر قائلًا (إن بيتنا سابقًا كان فى الجهة الشرقية من نهاية السعى فى المروة وكان يقع على الصخور المرتفعة التى هى جزء من جبل المروة وقد أزيل جزء كبير من هذا الجبل بما فى ذلك المنطقة التى كان عليها بيتنا وذلك أثناء التوسعة التى تمت فى عام 1375هـ وهذا يعنى امتداد جبل المروة شرقًا فى حدود من خمسة وثلاثين إلى أربعين مترًا شرقَ المسعى الحالِى وأما الصفا فإنها كانت منطقة جبلية امتدادًا متصلًا بجبل أبى قُبَيس ويعتبر جزء منه وكنت أصعد من منطقة السعى فى الصفا إلى منطقة أجياد خلف الجبل([٨])).

كما حضر محمد بن حسين بن محمد سعيد جستنيه حامل البطاقة رقم ١٠٠١٧٧٠٢٠٣ وهو من مواليد عام ١٣٦١هـ([٩]) وقرر قائلًا (إن جبل المروة كان يمتد من الجهة الشرقية والظاهر أنه يمتد إلى المدعى وأما جبل الصفا فإنه يمتد شرقاً أيضاً أكثر من امتداد جبل المروة).

فأمرتُ بتنظيم صكّ بذلك([١٠]) وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. حرر فى ٢٤/١٢/١٤٢٧هـ القاضى عبد الله بن ناصر الصبيحِىّ

والآن سأذكر الأدلة وإشارات التعجب والاستفهام على الشهادة بما نجزم معه بأن الشهود وهموا وأنَّ ذاكرتهم أخطأت وبما نجزم معه أيضًا بأن القائمين على توسعة المسعى أرادوا من الشهادة ذَرَّ الرماد فى أعين المسلمين وعلمائهم لِيَخفى عليهم وضوحُ رؤية حرمة توسعة المسعى:

-إنّ أول شاهد قال عن عرض الصفا (أتوقف) وقال عن عرض المروة (لا أتذكر) وبقية كلامه لا خلاف عليه ولا علاقة له بعرض المسعى فذِكركم لهذا الشاهد يدلُّ على عدم سلامة نيتكم وصدوركم فمرادكم أن يُقال فى الإعلام بأنّ كذا شاهدًا شهدوا وهذا ما حصل فعلًا وكان أكبرَ دليل أقنع كثيرًا ممن قال بصحة التوسعة ولئن نجح أسلوبُكم هذا فى تضليل الناس فى الأشهر الماضية فلا شكَّ أنّ التدليس والخداع عاقِبته إلى فضيحة.

-إنّ بعض الشهود لم يتذكر شكل الصفا أو المروة إنما قال رَأْيَهُ واجتهادَهُ وظنه ونحن نريد شهادة ولا نريد رأيًا فقد قال محمد زبير: (إنّ المروة لا علم لى بها وأمّا الصفا بما يَدُلّ) وقال درويش جستنية (وهذا يعنِى) وقال محمد جستنيه (والظاهر).

-إنّ أغلب الشهود تكلموا بكلام مبهَم وغير دقيق وإليك عباراتهم (بما لا يقل عن 38مترًا وأما الصفا فإنه يمتد شرقًا بأكثر من ذلك بكثير) (إن جبل المروة يمتد شرقًا وغربًا وشمالًا ولا أتذكر تحديد ذلك بالمتر)  (إن جبل المروة يمتد غربًا ويمتد شرقًا بما لا يقل عن اثنين وثلاثين متراً........... بأكثر من 35 أو 40متراً) (المسعى فى تلك الأماكن أوسع) (يمتد إلى المدعى........ أكثر من امتداد جبل المروة) فكلُّ هذه العبارات عبارات فضفاضة جداً لا نصَّ فيها على أنّ الزيادة فى العرض هل هى متر أم 100 متر؟ فهل نترك شهادةَ اللجان التى قاست المسافات بالسنتمتر ونأخذ بهذه الشهادة الفضفاضة؟!

-لو أردنا رَسْمَ صورةٍ فى مخيلتنا عن الصفا أو المروة مِن خلال شهادة هؤلاء الشهود لَمَا استطعنا ذلك بسبب تناقضِ الشهادات وعدم دقتها أما لو أردنا رسم صورة من خلال شهادة اللجان فإننا نستطيع لأنهم وصفوا الدرجات والمسافات والحديد والخشب ولونَ العَلَم عند الصفا وغَيْرَهُ بدقةٍ أفنترك هذه الشهادة الواضحة بتفاصيلها ونأخذ بشهادات هؤلاء الشهود؟!

-مِن شروط أداء الشهادة أن يأتى الشاهد بلفظ الشهادة وهذا لم يحصل هنا فكيف نبنى صحة ركن من أركان ديننا على إقرار رجال لم يذكروا لفظ الشهادة.

-إنّ طريقة تجميع الشهود مثيرة للريبة فعميد "معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج" لو أراد إظهار حقيقة عرض المسعى لأعلن لجميع الناس طَلَبَه مِن كبار السن العدولِ الثقاتِ أن يُدلوا بشهادتهم سواء كانت بـأنّ عَرْضَ الصفا والمروة كان أعرضَ من المسعَى أم كان كما نراه الآن أم كان أضيق ولكنه لم يفعل شيئاً من هذا إنما جَمَعَ فى معهده مَن يُؤَيِّدُ فكرته ثم أحضرهم للمحكمة ليثبِّت شهادتهم فلا بُدَّ أن يَستنتجَ العاقل مِن هذا التصرف أنه لم يُرِد إظهار الحقيقة إنما أراد الوصول لنتيجة محدَّدة.

وأخيرًا أقول أيها القائمون على شؤون الحرم! لقد أعلنتم فى العهد السابق وبشكل رسمى أنه لا يصح توسعة المسعى لأنكم استنفذتم ما بين الصفا والمروة والآن هذا العهد الذِى بَعْدَهُ تقولون بشكل رسمى أنّ المسعى يمكن توسعته وأنّ هذه التوسعة ما تزال ضمن الصفا والمروة ولا ندرى فى العهد القادم ماذا ستقولون أفليس لنا أن نطالبكم بعدم التلاعب بركنٍ من أركان ديننا؟!!

والله تعالى أعلم.


[١] المرجع كتاب حكم السعِى فى المسعَى الجديد أنه باطل للشيخ أحمد صادق.

[٢] مثل مخطط الرحالة بوركهارت وصور المصوِّر سنوك هروجنيه وهِى موجودة فى القرص المدمج (سى دِى) المرفق بكتاب الشيخ أحمد صادق رحمه الله.  

[٣] نص البيان كاملاً مع أسماء العلماء وتوقيع مفتى عام المملكة فى حينه يمكن مراجعته كاملاً فى "فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ" 5/141

[٤]سأترك للقارئ الكريم أن يدرك بذكائه ماذا يعنِى فِى بلادنا العربية أن يأتِى مسؤول رفيع المستوَى ويُحضِرَ معه شهودًا.

[٥] لم يحصل خلاف على شمال المروة وليس هذا موضوع الشهادة.

[٦] رجل عمره 76سنة يشهد بما يتذكره عندما كان عمره أقل من 24سنة وإن اختيار رقم 38 عليه علامة استفهام فكيف تذكر أنه لا يقل عن ثمانية وثلاثين ولم يقل خمسة وثلاثين أو أربعين كما أن الشهادة مبهمة لأن قوله (ما لا يقل عن 38 مترًا) يَدخل فيه الأربعون والخمسون والمائة والألف متر ومثل ذلك قوله بعد هذا (يمتد شرقًا أكثر من ذلك بكثير).

[٧] هذا الفعل كان يحصل من قِبل بعض الجهلة وكان العلماء ينبهون ويحذرون من هذا الفعل ومن أجل هذا الخطأ الذى كان يحصل لبعض الناس فقد شُكّلت لجنة بتاريخ 23/9/1374هـ من كبار العلماء لبناء جدار يمنع خروج الجهلة من المسعى ومما جاء فى تقريرها: (.......ونظرًا إلى أنه فى أوقات الزحمة عندما ينصرف بعض الجهال من أهل البوادى ونحوهم من الصفا قاصدًا المروة يلتوى كثيرًا حتى يسقط فى الشارع العام فيخرج من حد الطول من ناحية باب الصفا والعرض معًا ويخالف المقصود من البينية بين الصفا والمروة......) وقد أقر هذا التقرير الشيخ محمد بن إبراهيم مفتى عام المملكة ورئيس القضاة بقوله: (...... فإنه لا يسوغ السعى فيه. فبعد الوقوف على هذا الموضع فى عدة رجال من الثقات رأيت هذا القرار صحيحًا......) ونصُّ التقرير مع كامل التفاصيل موجود فى كتاب "فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم" 5/139  فإذًا الشاهد يتذكر ما كان يفعله الجهلة ثم يحتج به ويريد منا أن نأخذ بشهادته ونترك كلام العلماء الذين عبّر عنهم بقوله: (يعتبرونها).

[٨] ليس فى شهادته عن الصفا أى كلمة تتعلق بموضوع بحثنا  بمعنى آخر إنه لم يذكر عن الصفا شيئًا.

[٩] رجل عمره 68 سنة ويشهد بما يذكره عندما كان عمره أقل من 14سنة! فهل نأخذ بشهادة صغيرٍ ونترك شهادة العشرات من كبار العلماء؟!

[١٠] لم يبحث القاضى عن عدالة وصدق الشهود بل كتب ما قالوا فأصدر صكاً بكلامهم فرجع المسؤول الذى أحضرهم مجبور الخاطر.