تحرير الدرهم والمثقال والرطل والمكيال[١]

قبسات من فوائد العالم الفقيه المصرِىّ
مصطفى بن حنفِى بن حسن الذهبِىّ
المتوفى سنة ١٢٨٠ هـ رحمه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى ءاله وأصحابه والتابعين وبعدُ فيقول مصطفَى الذهبِىّ الشافعِىّ عفا الله تعالى عنه هذا بيان ما قالوا فى تحرير الدِّرهم والمثقال والرِّطل والمِكْيال وبيان مقادير النقود المتداولة بمصر وما فيها من الغِشِّ وما يتحصل منه النصاب الصافِى على مقتضَى ما حُرِّرَ بدار الضَّرْب سنة ألفٍ ومائتين وستة وخمسين.

فأما الدرهم والمثقال فقد نصُّوا على أنهما لم يختلفا جاهليةً وإسلامًا يعنِى أنَّ مقدارهما الذى حرَّره يونانُ الجاهلية لم يتغيَّر حين ورد الإسلام بل تعامل به الناس وسكت الشارع على ذلك.  فالدراهمُ والمثاقيل الواردة فى الزكاة وغيرها محمولة على ذلك كما قاله ابن الرِّفعة وليست من المُبهم المُبَيَّنِ بعدُ كما قيل. وقد نقل ابن الرفعة فى التبيان والسّروجِىّ فى شرح الهداية والسيوطِىُّ فى قطع المجادلة والمَقرِيزِىّ وأبو الفتح الصوفِىّ وغيرهم أن اليونان قدروا الدرهمَ من حبِّ الخَرْدل البَرِّىِّ بأربعة ءالاف حبة ومائتين (٤٢٠٠) والمثقالَ بستة ءالاف حبَّة (٦٠٠٠). فيكون درهمًا وثلاثة أسباع درهم. والدرهم سبعة أعشار المثقال فالعشرة دراهم سبعة مثاقيل. وإنما قدروا بحبِّ الخردل لكونه كما قال المقريزِىّ وغيره لا يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة خِفة ورزانةً.

وإنما قدَّروا الدرهم بهذا المقدار مع إمكان هذه النسبة فى غيره لأنَّ غاية ما تُظهره الموازينُ المحررةُ مقدارَ خردلةٍ من أربعة ءَالافِ خردلة ومِائَتين كما امتحنوه.

وإنما جعلوا المثقال درهمًا وثلاثة أسباعه لتكون النسبة بينهما كالنسبة بين وزن الذهب الصَّافِى ووزن الفضَّة الصّافية فإنه إذا وزن منهما مقدارٌ مَتَّحد المساحة والأقطار يكون الذهب لرزانته أثقل من الفضة بثلاثة أسباعها. وإنما جعلوا الدرهم والمثقال على قياس هذه النسبة لغلبة استعمالهما فى النقدين مع اشتهار الدرهم فى الفضة والمثقال فى الذهب.

ثم إن المتأخرين قدروا بحب الشعير رَوْمًا لسهولة العدد فقدروا الدرهم من الشعير المُمتلئ الأغْزَل المقطوع ما دقّ من طرفيه بخمسين شعيرةٍ وخُمسينِ والمثقال باثنتين وسبعين شعيرة على مقتضَى النسبة المذكورة.

ثم اصطلحوا على التَّقْريط واختلفوا فى كميته فمنهم من جعل المثقال أربعة وعشرين قيراطًا والدرهم ستة عشر قيراطًا وأربعة أخماس قيراط على حسب النسبة السابقة. فمقدار القيراط ثلاث شَعِيرات. ومنهم من جعل المثقال عشرين قيراطًا والدرهم أربعة عشر قيراطًا كما هو فى كتب الحنفية. فمقدار القيراط ثلاث شعيرات وثلاثة أخماس شعيرة. ومنهم من جعل المثقال اثنين وعشرين قيراطًا وستة أسباع قيراط والدرهم ستة عشر قيراطًا على مقتضى النسبة المذكورة فمقدار القيراط ثلاث شَعيرات وثمن شعيرة وخمس ثمن شعيرة  وذلك مقدار أربع قمْحات معتدلة لخفة القمح المعتدل عن الشعير الممتلىء بحيث تكون الثمانون قمْحة المتوسطة توازن ثلاثًا وستين شعيرة ممتلئة فيكون كل منهما درهمًا وربع درهم كما يعلم بالامتحان بالخردل.

وعلى الاصطلاح الأخير جَرَى المصريون ومن وافقهم إلا أنهم فى أواخر القرن الثانِى عشر خالفوا فى النسبة فجعلوا المثقال أربعة وعشرين قيراطًا وسُبع قيراط.  فنصاب الذهب الخالص بالمثاقيل المتداولة الآن تسعة عشر مثقالًا وقيراطٌ وسُبع قيراط، وأما الدرهم المتداول فدرهمٌ شرعىٌّ كما امتحن بحب الخردل وبدرهم الملك قايدباىّ المختوم بختمه.

ومنه يركَّبُ الرِّطل وهو بالبغدادِىّ مِائَةٌ وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم وبالمصرِىّ مائة وأربعة وأربعون درهمًا فيزيد عن البغدادِىّ ثلاثة أخماس خمسه. فالقلتان بالغدادِىّ خمسمائة رطل وبالمصرِىّ أربعمائة وستة وأربعون رطلًا وثلاثة أسباع رطل.

والمدُّ بالبغدادِىّ رطل وثلث وبالمِصرِىّ رطل وسُبُعٍ وثلثُ سبعِ رطلٍ. فيؤخذ من الحبوب النَّقِيَّة المتوسطة فى نوعها خِفة ورزانة كما قاله شيخ الإسلام [زكريا الأنصارِىّ] كالعَدَسِ والسِّمسِمِ والخَرْدَلِ ما يبلغ هذا المقدار ويُملأ به كيلة فتكون معيار المد فى كيل باقِى الحبوب، وإن زاد وزنه أو نقص اعتبارًا بالكيل فالاثنان منها قدح والأربعة صاعٌ وهكذا. وقد يختلف القدح كباقِى المكاييل بحسب الاصطلاح والمعوَّل عليه ما ذُكر بالشروط المذكورة.

تنبيهٌ. الرّطْلُ البغدادِىّ عند أبى حنيفة على ما رجحه أبو إسحاق مائة وثلاثون درهمًا والمدُّ عنده رِطلان بهذا الرطل. فالصاع عنده ثمانية أرطال بهذا الرطل وهِىَ بالمصرِىّ سبعة أرطال وتسعان فَافْهَمْ.

وأما النقود فقد بيناها فى الجدول بذكر أسمائها ثم مقاديرها بالقراريط وكذا مقدار غِشّها مقدِّمًا الأقل غِشًّا كما يُعْلَمُ من تزايد وزن النصاب ثم ما يتحصَّل منه النِّصاب الصافى بالعدد الكامل وما يبقَى من القراريط وكسورها ثم فى الذهب بالمثاقيل المتداولة وما يبقَى من القراريط وكسورها وفى الفضة بالدراهم كذلك.

والطريق فى معرفة ما يتحصل منه النصاب أن ينسَب غِشُّ الصنف لصافيه ويزاد على النصاب بتلك النسبة فالمجموع هو ما يتحصل منه النصاب من هذا الصنف فيركب منه العدد. فمثلًا وزن المجيديّة ثمانية قراريط وغِشها قيراط وثلث ونسبة غشها لصافيها خمسٌ فيزاد على نصاب الذهب وهو بالمثاقيل المتداولة تسعة عشر مثقالًا وثلث سُبْعِ مثقالٍ كما مرَّ خمسُهُ وهو ثلاثة مثاقيل وثلثان وسُبع يكن المجموع اثنين وعشرين مثقالًا مصريًا وعشرين قيراطًا وأربعة أسباع قيراط، فإذا ركبتها أعدادًا كانت ثمانية وستين مجدية وأربعة قراريط وأربعة أسباع قيراط أى نصف قيراط ونصف ثُمُن قيراط ودانق وسبعان من دانق إلا أن كسور الدانق تُلغَى لعدم ظهورها فى الموازين لدقَّتها كما مرت الإشارة إليه.  فإن الدانق فى اصطلاح الآن سُدْسُ سُديس ربع قيراط فهو جزءٌ من مائة وأربعة وأربعين جزءًا من قيراط من مثقال أو درهم. فتدبَّر.

تنبيهٌ.  عُلم مما ذُكِرَ أن الغشَّ لا يحسب من النصاب ولا من الواجب إخراجه ولا يكمل نصاب أحد النقدين من الآخر ولا يخرج أحدهما عن الآخر وذلك لتعلق الزكاة عند الشافعِىّ بالعين.     

وذهب أبو حنيفة ومالك إلى حسبان الغِشِّ من ذلك إن قلَّ الغش أو راج المغشوش رواج الصافِى وإلى تكميل نصاب النقدين بالآخر، قيل بالجزئية كنصف من كلٍّ وقيل بالقيمة كمِائَةِ درهمٍ فضة وأربعة مثاقيل ذهبًا قيمتُهَا مائَةُ درهم فضة، وإلى جواز إخراج أحد النقدين عن الآخر باعتبار القيمة بل جَوَّزَا إخراجَ غير النَّقد كالنحاس والطعام والثياب.  هذا وقد أخبرنا بعض أهل الخبرة أن غش أصناف الذهب من الفضة فعلى هذا إذا اجتمع منه مقدار نصاب الفضة زُكِّى. والنصاب شرط حتى فى المعدن.

أصناف الذهب

نصاب عدد كامل

أصناف الذهب

نصاب عدد كامل

بندقِى جديد

٢٥

مجيدية

٦٨

مجر

٢٥

محبوب سليمي إسلامبولي

٤٦

جنيه مجيدِى

٢٧

بندقلي محمودي جديد

٣٢

محمودية قديمة

١٣

محمودية جديدة

٢٣

جنيه افرنجِى

١٢

بندقلي سليمي

٢٤

برتجيس

٦

خيرية مصري قديمة

١٣٣

بنتو

٥١

عدلية جديدة

٧٦

جنيه مصرِى

١١

محبوب مصطفاوي

٤٩

خيرية مصرية جديدة

١٣٣

سعدية قديمة

٣٢٩

دبلون

٣

محبوب محمودِى جديد

٥٦

خيرية استلامبولِى قديمة

٥٨

ظريفة جديدة

٤٣٥

عدلية قديمة

٦٧

ظريفة قديمة

٣٨٢

 

أصناف الفضة

نصاب عدد كامل

أصناف الفضة

نصاب عدد كامل

ريال شينكو

٢٧

ريال شال

٣٨

ريال بمدفع

٢٥

تمشلك

٤٦

ريال مجيدي

٣٠

قطعة محمودي

٨٦

ريال بطاقة

٢٦

برملق سليمي

٣٩٣

قرش مصري

٥٦٩

اكلك

٥٣

ريال لبنان

٢٧

يوزلك

٤٦

ريال أمير كبير

٢٨

تلنق

١٠٦

بشلك قديم

٣٢

نلق مجيدي

١١٢

تلق حميدِى

٤٦

بشلك جديد

٢١٥

سببسي مجيدي

٤٨٩

عرينية مجيدي

٢٦١٨

قرش اسلامبولي

٨٨٢

الف فضة مجيدي عدد ١٠٠٠

٥٠٧٩٣

       

هذا ءاخر ما كتبه المسكين عبد الرحمن الشربينِى
بإملاء سيده العلامة الذهبِى
اللهم اسألك بجاه سيد الخلق والمرسلين أن تفرغ سحائب
رحمتك والرضوان عليه وعلينا وعلى جميع المسلمين يا واسع الكرم والجود
تمّ فى ١٢٨١ هـ


[١]المرجع كتاب تحرير الدرهم والمثقال والرطل والمكيال للشيخ مصطفى بن حنفِى الذهبي رحمه الله تعالى.