حُكْمُ الذَّبْحِ المَاكِينِىِّ فِى الشريعةِ الإسلاميةِ[١]

قبساتٌ من فوائد الشيخ أختر إمام عادل القاسمىِّ الحنفِىِّ
مؤسس ومدير الجامعة الربانية بسمستِى فور - ولاية بيهار (الهند)
(ترجمَهُ الشيخ نور عزيز قاسم)

الحمدُ لله ربِّ العالمينَ وصلاةُ اللهِ وسلامُهُ على سيدِنا محمد وعلى ءالِهِ وصحبِهِ.

أمَّا بعدُ فبناءً على كثرة الذبائح راجت فِى الناس في الوقت الحاضر طريقةُ الذبح عن طريق الماكينات محل الذبح باليد، ونالتْ هذه الطريقة الحديثة للذبح قبولًا بين قسمٍ مِنَ النَّاسِ بسببِ توفيرِ الوقت وتحرُّزًا من المشقة. ففِى الذبح الماكينىِّ بعضُ الأعمال يتعلق بآداب الذبح، والبعض الآخر يتعلّق بشروط الذبح وحدوده. ولِهٰذا البعضِ الأخير علاقةٌ بالذبح والمذبوح بطريق مباشر، ولكلِّ واحدٍ من النوعين أحكامٌ مستقلةٌ، فإنِ اختلَّ شرط من شروط الذبح لم تحلَّ الذبيحة، ولكن لو توفّرت تلك الشروط مِن غيرِ قيامِ الذابح بمراعاة جميع الآداب حَلَّتِ الذبيحةُ غير أن هذا العمل يكون مكروهًا.

مشكلات شروط الذبح.

         هناك في أمر الذبيحة شرطان أساسيان يجب تحققهما فإن تحقّقا فلا شك فِى حلِّ الذبيحة.

         1- الشرط الأول هو التسمية. أعنِى أنه على مَنْ تجب التسمية في الذبح الماكينىِّ؟ وبتسمية مَنْ تحلّ الذبيحة؟

         2- والشرط الثاني هو إنهارُ الدَّمِ وإسالتُهُ وهو أن يتمَّ قطعُ أىِّ ثلاثة من العروق الأربعة فِى الرقبة وهِىَ الحلقوم والمرِىء والودجان وهل يمكن أن يتحقَّقَ ذلك فِى الذبح الماكيني؟

مسألة التسمية.

لاخلاف فِى أنّ التسميةَ واجبةٌ على كل من الذابح ومعينه، ولكن من يُجعل ذابحًا في الذبح الماكيني؟ و يمكن أن نجيب أن الماكينة هِىَ العلةُ الفاعلةُ فِى الذبح الماكينىِّ وهي التي تقوم بعملية الذبح في الأصل.

أما الذي يحرّك الماكينة أو الذي يقوم بإيصال الحيوان إلى السكين فهما سببان ولكن ليس سببًا محضًا بل سببًا في معنى العلة.

والسببُ ينقسم عند الفقهاء إلى أقسام

(١) السبب المحضُ وهو سببٌ يُفضِى العلة إلى الحكم لاغير وهو لا يؤثّر في الحكم ولايثبت به كدلالة السارق إلى أن المال فِى بيت فلان والحكم لا يضاف إلى السبب المحض، ولذلك لو سرق السارق المالَ من بيت فلان لا يضمن الدالُّ عليه بشرط أن لايشارك في عمل السرقة.

(٢) السبب فِى معنى العلة فإنَّ السَّبَبَ قد يكون بمعنى العلة أىْ هو سببٌ لا يُفضِى العلة إلى الحكم فحسب بل يكون له دَخَلٌ كبير فِى العمل والتأثير بحيث تكون العلة حادثة بذلك السبب فهو كعلّة العلة فيُضاف الحكم إليه، مثلًا لزوم حق في الخصومات يكون بقضاء القاضِى ولكن قضاء القاضِى يتوقف على شهادة الشهود، وهذا القسم من السبب يضاف الحكم إليه دون العلة، وبناءً على ذلك لو ظهر خطأ قضاء القاضي في قضية بسبب بطلان الشهادة ضمن الشاهدان لا القاضي.

(٣) السبب الذي يقوم مقام العلة فقد يُقام مقام العلة عند تعذر الاطلاع على حقيقة العلة تيسيرًا للأمر على المكلف ويسقط به اعتبار العلة ويُدار الحكم على السببِ لِمَا فِى تكليف العمل بحقيقة العلة من الحرج فلذا سقط اعتبار العلة لتعليق الحكم ويُدار الحكم على السبب، مثاله فِى الشرعيات النوم الكامل وهو ناقض للوضوء ولكن العلة فِى الأصل لانتقاض الوضوء ليس النوم بل هوالحدث والنوم سببه وبما أنَّ الاطلاع على الحدث فِى حالة النوم متعذِّرٌ أُقِيم النومُ الذِى هو سبب الحدث مُقامه فلذا سقط اعتبارُ الحدث ويُدار الانتقاض على كمال النوم سواء وجد الحدث أم لا.

(٤) السبب المجازىُّ وهذا فِى الحقيقة ليس بسبب لأن السبب يُفضِى إلى الحكم وهذا لا يُفضِى إلى الحكم ككونِ اليمين سببًا للكفارة فإنها ليست بسببٍ لَهَا فِى الحقيقة إذْ إنَّ السبب لاينافِى وجودَ المُسَبَّبِ واليمين وأمَّا الكفارة فإنَّها إنَّما تجب بالحِنْثِ وبه ينتهِى اليمين (راجع أصول الشاشىِّ ص ٩٦-٩٧، ونور الأنوار ص ٧٥-٢٧٤، وحسامِى ص ١٢٥).

فإذا نظرنا فِى مسألة الذبح الماكينِىِّ فِى ضوء هذه الأقسام للسبب تبيّن أنّ الشخصَ الذي يحرّك الماكينة والشخصَ الذِى يقوم بإيصال الحيوان إلى السكين ليسا علةً حقيقيةً باليقين ولكنهما سببٌ ولكن ليسا السببَ المحضَ فإنَّ محرِّكَ الماكينة والذِى يُوصل الحيوان إلى السكين ليسَا مِمَّن لا دخل له في عملية الذبح بل هو الذي يُوجِدُ حركة الماكينة فهو بذلك في معنى علة العلة، والعلةُ مع علة العلة إذا اجتمعتا يُضاف الحكم إلى العلة، و العلةُ هنا هِىَ الماكينة وهِىَ جماد فلا تصلح أن تكلَّفَ أحكام الذبح لذا تُضاف أحكامُ الذبح - أىْ فِى الحيوانِ الأولِ المذبوحِ بمجرَّدِ تحريكِ الماكينةِ - إلى الذِى حَرَّكَ الماكينةَ أوَّلًا وتكون الماكينة كآلةٍ له وبناءً على ذلك ينبغِى أن تجب التسميةُ كذابحٍ للذبيحِ الأولِ على الذِى يحرّك الماكينة وعلى الشخصِ الذِى يُعينُهُ إنْ وُجِدَ.

ولكن بعد هذه المرحلة عندما انتهى محرّك الماكينة من عمله فالحيواناتُ التي تأتِى أمام السكين بعد الذبيحة الأولى لادَخَلَ فِى ذبحها لِمَنْ حرَّكَ الماكينة بقاءً فإنَّهُ وإن كان مؤثرًا فيه ابتداءً لكن انقطع عملُهُ بالكليةِ بقاءً، والماكينةُ عملُها وإن كان متواصلًا ولكنه ليس مُتَّحِدًا بل يتعدَّدُ بتعدُّدِ الذبيحةِ[٢] لذا ينبغِى أن يُضاف حكمُ الذَّبح إلى شخصٍ يكونُ له دَخَلٌ فِى عملية الذبح فحينئذٍ يأخذُ الذِى يقوم بإيصالِ الحيوان إلى السكين حكمَ القسم الثالث من السبب، وتظهر صورةُ المسألةِ بأنها تجتمع فيها السبب مع العلة ولكن لايمكن في هذه الصورة أن نضيف الحكم إلى الماكينة التِى هِىَ علة الذبح لكونها جمادًا وغير مكلّفة بل يُضاف الحكم إلى الشخص الذِى يقوم بإيصال الحيوان إلى السكين بناءً على كونه سببًا يقوم مقام العلة فتجب عليه التسمية للذبح على حدةٍ[٣].

ومن جهة أخرى إذا أمعنا النظر في القضية وجدنا أن عملية الذبح بالماكينة لا تتحققُ ما لم يوصِلْ شخصٌ الحيوانَ إلى السكين فالماكينةُ تحتاج فِى كونها علةً للذبح إلى مساعدٍ والمساعدُ هو الذِى يوصل الحيوان إلى السكين، وبهذا الاعتبار يأخذ حكمَ القسم الثانِى مِن السبب بدلًا من القسم الثالث، وبناءً على كونه سببًا فِى معنى العلة تجب عليه التسمية كذابحٍ أو مُعِينِهِ وهو فِى ذلك كرجل ينصب السكين فِى موضعٍ خاصٍّ ويقوم بإمرار رقبة الحيوان على حدِّ السكين بدل أن يأخذ السكينَ بيدِهِ ويقومَ بإمراره على حلقوم الحيوان ويقطعَ جميع عروق رقبته، فكما أن الذابح الحقيقىَّ يذهب بالحيوان إلى السكين ويقطع رقبته بإمرار رقبته على حدِّ السكين كذلك فِى الصورة التِى يتحرك فيها السكين الماكينىُّ متواصلًا ويقومُ شخصٌ بإيصال الحيوان إلى السكينِ ويقطع السكينُ جميع العروق التِى لابد من قطعها فِى الذبح ينبغِى أن يجرىَ حكمُ الذابح على الشخص المذكور فتحلُّ الذبيحة بتسميته.

ونجد نظائر هذه المسألة عند الفقهاء المتقدمين حيث إنهم يعتبرون بعمل الموجد الأصلي للعمل في باب أحكام الذبح ولا يعتبرون بالآلة التي استخدمها الذابح ولا يُضيفون حكم الذبح إليها، فنجد في كتاب الأم للإمام الشافعىِّ رحمه الله عبارةً مفيدةً بهذا الخصوص يقول (ولا بأس أن يصيد المسلم بكلب المجوسىِّ ولا يجوز أكلُ ما صاد المجوسي بكلب مسلم لأن الحكم حكم المرسل وإنما الكلب أداة) (كتاب الأم  1/282).

ففِى هذه الجزئية حصل الإذن للمسلم أن يصيد بكلب مجوسي، في حين لا يحلّ ما صاد المجوسي بكلب مسلم، ووجه ذلك أن الكلب أداة محضة لايعتبر بها وإنما الاعتبار بالذي تسبّب في عملية الصيد وكذلك الماكينة فِى الذبح الماكينىِّ أداةٌ محضةٌ تتوسَّطُ بين الذابح والذبح واستخدامُها مِن عَمَلِ الذِى يُحَرِّك الماكينة أو الذِى يوصل الحيوان إلى السكين، وبناءً على ذلك تجب التسمية على محرّك الماكينة كذابحٍ وعلى الذي يوصل الحيوان إلى السكين كمعينِ الذابحِ – أىْ فِى الذَبيحةِ الأولى - ولكن بعد الذبيحةِ الأولى حيث ينقطع عمل محركِ الماكينة عن الذبح لا تجب التسمية إلّا على الذي يقوم بضبط الحيوان وإيصاله إلى السكين، ولا يُعتبر فِى ذلك تسميةُ الشخصِ الذِى يُسمَّى قائمًا على كل حيوان يمرّ بالسكين ولا تسميةُ الشخصِ الذِى يضع يده على مقبض الماكينة لأنه لا دخل لهما في عملية الذبح، وإنما تُعتبر فِى الذبح تسميةُ الذابح لا الذِى ليس له علاقة بالذبح[٤].      

مسألةُ إنهارِ الدَّمِ

المسألة الثانية من المسائل الهامة فِى الذبح الماكينىِّ هِىَ مسألةُ إنهار الدم وإسالته جيدًا بقطع جميع عروق الذبيح أو أكثره.

وقد استغربتُ كثيرًا مِمَّا جاء فِى التقرير الذي أعدّته هيئة الفتوى لدولة الكويت فِى هذا الخصوص، فقد جاء فيه إنه ليس من الضرورىِّ أن يقطع سكين الماكينة رقبة الذبيح بل الواجب أن يقطع أىَّ جزء من جسده فقد يقطع الرأس شقين مكان الرقبة ويموت الحيوان من شدة الألم اهـ فلو كان ذلك هو الغالب فِى الذبح الماكيني فلا يُعقل جواز الذبح الماكينىِّ فِى حالٍ مِن الأحوال لأن الذبيحة لا تحلّ بالعقر وإصابة الجرح في أىِّ مكان من جسده إلّا فِى الذبح الاضطرارىِّ. أمَّا فِى الذبح الاختيارىِّ فيُشترط إمرارُ السكين على الرقبة وقطع العروق أو أغلبها. والذَّبح الذِى يَتِمُّ عن طريق الماكينة هو الذبح الاختيارىُّ كما هو ظاهرٌ، كما أنَّ الذبحَ مقدورٌ عليه، فلا يجوز قياس الماكينة على السهم والقوس ولا أن نحكم عليه بالذبح الاضطرارىِّ.

جملة القول أنه إذا كان الغالب فِى الذبح الماكينِىِّ قطع جميع عروق الرقبة للحيوان المذبوح أو أكثرها قبل أن يموت فإنه يُفتى بجوازه إذا استُوفِيَتْ شروطُهُ تبعًا للغالب الأكثر، وإذا كان الغالب أن السكين يقطع أىَّ جزء من بدنه بدلًا من الرقبة ولا يتحقّق قطع أكثر العروق للذبيح قبل موته، ولا يتمّ إنهار الدم فلا يحكم بجوازه.

ءَاداب الذبح

هناك أمور تتعلَّقُ بآداب الذبح، فلا تحرم الذبيحة بعدم مراعاتها إلّا أنه يُكره تركُها مِن غيرِ أنْ تنتقلَ الكراهةُ إلى اللحم.

(١) مثلًا المقصود من الذبح هو قطع اللبة التِى هِىَ مجمع العروق سواء قطعت من الأعلى أو من الأسفل أو تقطع بالشق فلو تمّ إنهار الدم بالكلية حلّت الذبيحةُ، ولو كان فيه زياده إيلام للحيوان من غير حاجة يكون ذلك مكروهًا (راجع الفتاوى الهندية ٥/٢٨٨).

(٢) ومَن بلغ فِى أثناءِ الذبحِ بالسكينِ النخاعَ أو قطعَ الرأس كُره له ذلك وتُؤكل ذبيحته. وهذا لأن فِى ذٰلك وفِى قطع الرأس زيادة تعذيب الحيوان بلا فائدة وهو منهىٌّ عنه، والحاصلُ أنَّ ما فيه زيادةَ إيلامٍ لا يُحتاج إليه فِى الذكاة مكروهٌ. (الهداية ٤٣٨-٤٣٩).

(٣) فِى الذبح الماكينىِّ يُصعق الحيوان بتيارٍ كهربائىٍّ قبل الذبح ليمكن السيطرة عليه أثناء الذبح فَفِى هذه الصورة إذا كان الحيوان يفقد وعيه فقط ولايموت قبل الذبح لا يؤثر ذلك فِى حِلّ الذبيح بل يحلّ من غير شك إلّا أنه إذا وُجدت هناك صورة للسيطرة على الحيوان أثناء الذبح أيسر من هذه وأقل إيلامًا للحيوان فإنه يُكره ذلك[٥] والأصل فِى ذٰلك الابتعادُ عن زيادةِ ألَمِ البهيمةِ عند عدمِ الحاجةِ عند الذبح فإنه ممنوع شرعًا حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن وضع السكين أمام الحيوان وأمر بمواراته عنه، فعن ابن عمر رضِىَ الله عنهما أمر النبىُّ صلى الله عليه وسلم بحدِّ الشفار وأن تُوَارَى عن البهائم وإذا ذبح أحدكم فليجهز اهـ (رواه أحمد والبيهقِىُّ) فينبغِى مراعاة تلك الآداب السامية التِى صدرت عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم.

على أنه فِى الذبح الماكينىِّ قد يُفَوَّض الحيوان بعد الذبح باليد إلى الماكينة حتى يمرّ على بقية المراحل من النتفِ والتنظيفِ والسلخِ والقطعِ والتغليفِ وما إلى ذلك فلا بأس بذلك. ولكن لا يَغِيبَنَّ عن البال أنه لا يُدخل الذبيح فِى الماكينة قبل أن يبرد لأنَّ فِى ذلك زيادة إيلام للحيوان بلا حاجةٍ وهو مكروه عند الفقهاء.

ويُكره له بعد الذبح قبل أن تبرد أن يسلخَها أو أن ينخعها وهو أن ينحرها حتى يبلغ النخاع (الفتاوى الهندية ٥/٢٨٧، البحرالرائق ٨/١٧٠).

واللهُ تعالى أعلم.


[١] المرجع مجلة الداعِى الشهرية الصادرةُ عن دار العلوم - ديوبند (رجب 1437 - العدد7 - السنة 40).

[٢] قوله (بل يتعدَّدُ بتعدُّدِ الذبيحةِ) أىْ أنَّ عملَ الذَبحِ الأولِ ينتهِى بانتهاءِ ذبحِ الذبيحةِ الأُولى ثمَّ يليهِ عملُ ذبحٍ جديدٍ عند وُصولِ الذبيحةِ الثانيةِ. المنتصر بالله.

[٣] قوله (بل يُضاف الحكم إلى الشخص الذِى يقوم بإيصال الحيوان إلى السكين بناءً على كونه سببًا يقوم مقام العلة فتجب عليه التسمية للذبح على حدةٍ) يُفهَمُ منه كما سيأتِى التصريحُ به فِى كلامِهِ عقبَ هذا مباشرةً أنه لا بُدَّ مِن تحريكِ شخصٍ الحيوانَ وإيصالِهِ إلى الشفرةِ وإلَّا بأنْ كانتِ الآلةُ تُوصِلُ الحيوانَ أُوتوماتيكيًّا إلى الشفرةِ ولا يوصِلُهُ إنسانٌ لمْ يصحَّ إضافةُ الذَّبحِ إلى الشخصِ الذِى حرَّكَ الآلةَ أولًا ولا إلى مُعِينٍ ءَادَمِىٍّ لعدمِ وجودِهِ فلم يَبْقَ إلَّا الآلةُ إذْ هِىَ تُوصِلُ الحيوانَ الثانِىَ وما بعدَهُ فلا يصحُّ الذبحُ عندئذٍ إذِ الآلةُ لا قَصْدَ لَهَا اهـ المنتصر بالله.

[٤] قلتُ وأنا المنتصرُ باللهِ بِما أنَّ عملياتِ الذبحِ الماكينِىِّ فِى أيامِنا لا تُراعَى فيها الأمورُ المذكورةُ كما رأينا وأُخبِرْنا مِمَّنْ رأى فلا يحلُّ أكلُ المذبوحِ بها وليقتصِرْ مَن يريدُ تقوى اللهِ والنجاةَ فِى الآخرةِ على أكلِ ما ذُبِحَ حلالًا باليدِ أو على أكلِ السمكِ والخضرواتِ ففيها مندوحةٌ عن الحرام اهـ

[٥]قوله (إلّا أنه إذا وُجدت هناك صورة للسيطرة على الحيوان أثناء الذبح أيسر من هذه وأقل إيلامًا للحيوان فإنه يُكره ذلك) مِن المعلومِ أنَّ مَنْ يذبحُ بهذِهِ الطريقةِ لا يُراعونَ أمرَ إيلامِ الحيوانِ وقد مضَى على المسلمينَ قرونٌ متطاولةٌ وهم يذبحونَ بغيرِ هٰذِهِ الطريقةِ، وبغيرِها ذبحَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلمَ، وقد يموتُ الحيوانُ مِن قوةِ الصعقِ أو يصلُ إلى حركةِ الموتِ غيرِ الاختيارية فلا يحلُّ ولو ذُبِحَ بعد ذٰلك. ومنهم مَنْ يضربُ الحيوانَ على رأسِهِ أو يُدخِلُ مسمارًا فيه ويزعُمُ أنه يُفقِدُهُ وَعْيَهُ بذٰلكَ وقد تقتُلُهُ هذه الطريقةُ فلا يحلُّ ولو ذُبِحَ بعد ذٰلكَ والقائمونَ بها لا يُبالونَ، ولو فُعِلَ مثلُ هٰذا بإنسانٍ لعدُّوهُ وحشيَّةً وهم يفعلونَهُ بالحيوانِ بداعِى الرحمةِ مِنْ غيرِ ضرورةٍ ولا حاجةٍ، فينبغِى الحذرُ مِنْ تناولِ ما يذبحُهُ أمثالُ هؤلاءِ ما لم يعلمِ الشخصُ أنَّ البهيمةَ لم تَمُتْ أو لم تصلْ إلى حالِ خروجِ الرُّوحِ قبلَ الذبحِ مِنْ قِبَلِ مَنْ يَحِلُّ ذَبْحُهُ اهـ المنتصر بالله.