خليل الرحمن وطمأنينة القلب[١]

قبساتٌ من فوائد الشيخ محمد هشام المجذوب
الرفاعِى الحسنِى المتوفى سنة ١٤٣٧ هـ

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه وسلم أما بعد فاعلم يا أخِى وفقنا الله تعالى جميعًا أنه إذا ذكر مقدمةٌ وعنوان فيه مدح لإنسان وذكرت بعده قصة فالواجب أن تكون هذه القصة تأييدًا لهذا العنوان. على هذه القاعدة تفسر قصة سيدنا سيدنا إبراهيم عليه السلام وغيره من الرسل.

قال الله عز وجل {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْيِى الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِى قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.

لمّا قال سيدنا إبراهيم للنمروذ { رَبِّىَ الَّذِى يُحْيِى وَيُمِيتُ} تشوقت نفسه لرؤية إحياء الموتى وتهيّجت نفسه لذلك فسأل الله تعالى أن يريَهُ إحياء الموتى قال {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} أى أترَدَّدْتَ ولم تؤمن؟ {قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِى} أى بلى ءامنتُ ولكن سألتك ليطمئن قلبِى أى يسكن من التهيُّج والتشوق لرؤية إحياء الموتى وهذا التشوّق يسكن ويهدأ يمشاهدة إحياء الموتى فالإنسان الذى يسمع عن الطّواف والسعْىِ وزمزم وزيارة النبى صلى الله عليه وسلم يتشوّق لرؤية ذلك فإذا شاهد ذلك سكن قلبه واطمأنَّ من التشوق وأكد رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم هذا المعنى بقوله (نحن أحقُّ بالشك من إبراهيم صلى الله عليه وسلم) أخرجه مسلم وغيره. أى والصحابة الكرام يعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشكّ فكذلك سيدنا إبراهيم لم يشك. {فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} أى ضُمَّهُنَّ إليك فأمره الله تعالى أن يأخذ أربعة من الطير ويُقَطِّعهنَّ أجزاء ويجعل قسمًا من الأجزاء على كل جبل ثم يناديهنّ يأتين إليه ساعيات مسرعات فكان الأمر كذلك واطمأنَّ قلبُه وسكَنَ من التشوُّقِ لرؤية إحياء الموتى. على نبينا وسيدنا إبراهيم وجميع النبيين أفضلُ الصلاة وأكملُ التسليم وءال كلٍّ وصحب كلٍّ أجمعين.

 


[١] المرجع كتاب القول الفصل لحسم مسائل الخلاف للشيخ محمد هاشم المجذوب رحمه الله تعالى.