عَقيدةُ أهل السُّنةِ فِى اللهِ تعالى وفِى أنبيائه[١]

قبساتٌ من فوائد عالم حماة الفقيه الشافعِىّ الشيخ محمد سليم المراد
المتوفَى سنة 1308 هـ رحمه الله تعالى

الحمد له ربِّ العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن وصلوات الله البرِّ الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين

وبعد فيجب فى حقِّه تعالى الوجودُ ويستحيل عليه ضدُّه وهو العدم والدليل على ذلك وجود هذه المخلوقات.

ويجب فى حقه تعالى القِدم ومعناه أنَّه لا أوَّل له ويستحيل عليه ضِدُّه وهو الحدوث والدليل على ذلك أنَّه لو كان حادثًا لاحتاج إلى مُحدِث وهو محال.

ويجب فى حقه تعالى البقاء ومعناه أنَّه لا ءَاخِرَ له ويستحيل عليه ضِدُّه وهو الفناء والدليل على ذلك أنَّه لو كان فانيًا لكان حادثًا وهو مُحال.

ويجب فى حقه تعالى المخالفة للحوادث ويستحيل عليه ضِدُّها وهِى المماثلة والدليل على ذلك أنَّه لو كان مماثلًا لها لكان حادثًا مثلها وهو محال.

ويجب فى حقه تعالى القيام بالنفس ومعناه أنَّه لا يحتاج إلى محلٍّ ولا إلى مُخصص ويستحيل عليه ضدُّها وهو الاحتياج إلى المحل أو إلى المخصص والدليل على ذلك أنَّه لو احتاج إلى المحل لكان صفةً وكونه صفةً مُحال ولو احتاج إلى مُخصِّصٍ لكان حادثًا وكونه حادثًا محال.

ويجب فى حقه تعالى الوحدانية فى الذات وفى الصفات وفى الأفعال ويستحيل عليه ضدُّها وهو التعدد والدليل على ذلك أنَّه لو كان متعددًا لم يوجد شىءٌ من هذه المخلوقات.

ويجب فى حقه تعالى القدرة وهى صفة قديمة قائمة بذاته تعالى يُوجِدُ بها ويُعدِم ويستحيل عليه ضدها وهو العجز والدليل على ذلك أنَّه لو كان عاجزًا لم يوجد شىء من هذه المخلوقات.

ويجب فى حقه تعالى الإرادة وهِى صفة قديمة قائمة بذاته تعالى يخصص بها الممكن ببعض صفاته ويستحيل عليه ضدُّها وهِى الكراهية والدليل على ذلك أنَّه لو كان مُكْرَهًا لكان عاجزًا وهو محال.

ويجب فى حقه العلم وهِى صفة قديمة قائمة بذاته تعالى يعلم بها جميع الأشياء ويستحيل عليه ضدها وهو الجهل والدليل على ذلك أنَّه لو كان جاهلًا لم يكن مريدًا وهو محال. ويجب فى حقه تعالى الحياة وهِى صفة قديمة قائمة بذاته تعالى يصح له بها أن يتصف بالصفات المتقدمة ويستحيل عليه ضدها وهو الموت والدليل على ذلك أنَّه لو كان ميتًا لم يوجد شىء من هذه المخلوقات.

ويجب فى حقه تعالى السمع والبصر وهما صفتان قديمتان قائمتان بذاته تعالى يسمع بهما ويبصر ويستحيل عليه ضدهما وهو الصمم والعمَى والدليل على ذلك قوله تعالى (وهو السميع البصير).

ويجب فى حقه تعالى الكلام وهِى صفة قديمة قائمة بذاته تعالى ليست بحرف ولا صوت ويستحيل عليه ضدُّها وهو الخرس والدليل على ذلك قوله تعالى (وكلَّم اللهُ موسَى تكليمًا). ويجب فى حقه تعالى كونه قادرًا وكونه مريدًا وكونه عالمًا وكونه حيًا وكونه سميعًا وكونه بصيرًا وكون متكلمًا ويستحيل عليه أضدادها والدليل على ذلك ما تقدم فى صفات المعانِى. ويجوز فى حقه فعل كل ممكن وتركه.

ويجب فى حقِّ الرسل عليهم الصلاة والسلام الصدق والأمانة والفطانة وتبليغ ما أُمروا بتبليغه والعصمة ويستحيل عليهم أضدادها وهي الكذب والخيانة والبلاهة والكتمان وعدم العمصة ويجوز فى حقهم عليهم الصلاة والسلام الأعراض البشرية التِى لا تؤدِى إلى نقص فى مراتبهم العَلِّيةِ كالأكلِ والشربِ والنكاحِ والمرضِ غيرِ المُنَفِّرِ.

والحمد لله الموفِّق وصلى الله على نبيه المختار وعلى ءاله وأصحابه الأبرار الهادين المهديين وسلم تسليمًا.


[١] المرجع كتاب الأدعية والأوراد المختارة المعروفة بالتسبيحات جمع الشيخ أحمد بن الشيخ سليم مراد رحمه الله تعالى.