لا عبرة بقول الحاسب والمنجم لتحديد ابتداء رمضان وانتهائه (٣) [١]

قبسات من فوائد الحافظ أحمد بن علِى بن حجر العسقلانِىّ الشافعِىّ
المتوفى سنة ٨٥٢ هـ رحمه الله تعالى

قَوْلُهُ فَاقْدُرُوا لَهُ تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ تَأْوِيلَيْنِ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى تَأْوِيلٍ ثَالِثٍ قَالُوا مَعْنَاهُ فَاقْدُرُوهُ بِحِسَابِ الْمَنَازِلِ قَالَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَمُطَرِّفُ بْنُ عبد الله من التَّابِعين وابن قُتَيْبَة من الْمُحدثين قَالَ ابن عَبْدِ الْبَرِّ لَا يَصِحُّ عَنْ مُطَرِّفٍ وَأَمَّا ابن قُتَيْبَةَ فَلَيْسَ هُوَ مِمَّنْ يُعَرَّجُ عَلَيْهِ فِى مثل هَذَا اهـ قَالَ وَنقل بن خويز منداد عَن الشَّافِعِىّ مَسْأَلَة ابنِ سُرَيْجٍ وَالْمَعْرُوفُ عَنِ الشَّافِعِىّ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ اهـ

وَنقل ابن الْعَرَبِىّ عَن ابن سُرَيْجٍ أَنَّ قَوْلَهُ فَاقْدُرُوا لَهُ خِطَابٌ لِمَنْ خَصَّهُ اللَّهُ بِهَذَا الْعِلْمِ وَأَنَّ قَوْلَهُ فَأَكْمِلُوا الْعدة خطاب للعامة قَالَ ابن الْعَرَبِىِّ فَصَارَ وُجُوبُ رَمَضَانَ عِنْدَهُ مُخْتَلِفَ الْحَالِ يَجِبُ عَلَى قَوْمٍ بِحِسَابِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَعَلَى ءاخَرِينَ بِحِسَابِ الْعَدَدِ قَالَ وَهَذَا بَعِيدٌ عَنِ النبلاء اهـ ثم قال الحافظ قالَ ابن الصَّبَّاغِ أَمَّا بِالْحِسَابِ فَلَا يَلْزَمُهُ بِلَا خِلَافٍ بَين أَصْحَابنَا قلتُ وَنقل ابن الْمُنْذِرِ قَبْلَهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ فِي الْإِشْرَافِ صَوْمُ يَوْمِ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إِذَا لَمْ يُرَ الْهِلَالُ مَعَ الصَّحْوِ لَا يَجِبُ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةَ وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ كَرَاهَتُهُ هَكَذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يُفَصّلْ بَيْنَ حَاسِبٍ وَغَيْرِهِ فَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمْ كَانَ مَحْجُوجًا بِالْإِجْمَاعِ قَبْلَهُ.

والله تعالى أعلم.


[١] المرجع كتاب فتح البارِى شرح صحيح البخارِىّ للحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى.