اختيار المغاربة مذهب مالك[١]

قبساتٌ من فوائد الفقيه الشيخ العالم محمد العمراوِىّ المالكِىّ
حفظه الله تعالى

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وسلم.  سُئِل حفظه الله لماذا اختار المغاربة مذهب مالك دون عقيدته فكان جوابه

مَنْ قال إن المغاربة أخذوا بمذهب مالك دون معتقده فكلامُهُ غير محرر بل المغاربة أهل سنة وجماعة منذ زمن بعيد والإمام مالك أحد أئمة أهل السنة والجماعة وإذا كان الإمام مالك يفوِّض فإن المغاربة أيضًا يفوِّضون والتفويض أحد مسلكَينِ لأهل السنة فى التعامل مع المتشابه والمسلك الثانى التأويل كما سبق شرحه فى مواطن عدة. فإذن ليس ثمة تناقض بين معتقد الأشعرية وأهلُ المغرب منهم ومعتقد إمام دار الهجرة.  ولذلك كان المالكية أشعريةً إلا ما ندر وأنت تعلم أن الرجل الذى اشتَهر المذهب الأشعرِىّ على يديه وانتشر فى الآفاق على يد تلامذته مالكِىٌّ قَحٌّ ذلك هو أبو بكر محمد بن الطيب الباقِلانِىّ المتوفى سنة ٤٠٢هـ ومنذ ذلك الحين والمالكية متمسكون بالمذهب الأشعرِىّ منافحون عنه لأنهم لا يجدون فرقًا بين ما كان عليه الإمام مالك وما انتحاه الأشعرِىّ قال الفقيه أبو محمد عبد الله ابن أبِى زيد الملقب بمالك الصغير فِى حق أبِى الحسن الأشعرِىّ هو رجل مشهور أنه يرد على أهل البدع وعلى القدرية والجهمية متمسك بالسنن[٢] اهـ  ونقل ابن عساكر عن الفقيه أبِى عبد الله محمد بن موسَى ابن عمار الكلاعِىّ الميورقِىّ أثناء تعداده للآخذين بمذهب الأشعري الذابين عنه (من الشيوخ المتأخرين المشاهير أبو محمد ابن أبِى زيد اجتمع فيه العقل والدين والعلم والورع وخاطبه من بغداد رجل معتزلِىٌّ يُرَغِّبه فى مذهب الاعتزال ويقول له إنه مذهب مالك وأصحابه فجاوبه بجواب من وقف عليه علم أنه كان نهاية فى علم الأصول رضِى الله عنه)[٣] اهـ

وقال العلامة تقِىُّ الدين السبكِىُّ رحمه الله والفرقة الأشعرية هم المتوسطون فى ذلك بين المعتزلة والحشوية وهم الغالبون من الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة إلى أن قال إن الأشعرية هِى الأعدل لأنها بنت أصولها على الكتاب والسنة والعقل الصحيح اهـ وقال ولده تاج الدين رحمه الله المالكية أخصُّ الناس بالأشعرية إذ لا نحفظ مالكيًا غير أشعرِىّ ويُحفظ من غيرهم طوائف جنحوا إما إلى اعتزال أو إلى تشبيه وإن كان من جنح إلى هذين من رعاع الفرق[٤] اهـ

والله تعالى أعلم.


[١] المرجع كتاب الأجوبة المحررة على الأسئلة العشرة للشيخ محمد العمراوِىّ.

[٢] انظر تبين كذب المفتري.

[٣] انظر السيف الصقيل.

[٤] انظر إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين.