التعريف بالكَرَّامية[١]

قبسات من فوائد المدرس فى كلية أصول الدين فى جامعة الأزهر
الشيخ يوسف عبد الرزاق الشافعِىّ الأزهرِىّ المصرِىّ
المولود سنة ١٣٢٥ هـ رحمه الله تعالى

الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن وصلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد سيد المرسلين وعلى ءاله وسلم وبعد فإنَّ بِدَعَ ابنَ كَرَّامٍ التِى أحدثها فى الإسلام أكثرُ مِنَ أن تتسع لها هذه العجالة ولكننا نشير إلى ما هو معروف وبالقبح موصوف

١- ذهب إلى أن معبوده مستقر على العرش وأنه جسم له حدّ ونهاية من تحته من الجهة التِى منها عرشه وأنه لا نهاية له من الجوانب الأخر وهذا كما قالت الثنوية فى معبودهم إنه نورٌ متناهٍ من الجانب الذِى يلِى الظلام فأما من الجوانب الخمس الأخر فلا يتناهَى.

٢- ذكر ابنُ كرام فى كتابه عذاب القبر أنَّ معبودَهُ أحدِىُّ الذات أحدِىُّ الجوهرِ فأطلق عليه اسم الجوهر كما تفعله النصارَى.

٣- وذكر فيه أيضًا إن الله تعالى مماسٌ للعرش والعرش مكان له.

ولقد سأل بعضُ أتباعه فى مجلس السلطان محمود بن سبكتكين الغزنوِى فاتح الهند إمامَ زمانِهِ أبا إسحاق الاسفراينِىَّ رحمه الله تعالى عن هذه المسألة فقال هل يجوز أَنْ يقال الله سبحانه وتعالى على العرش وأن العرش مكان له فقال لا وأخرج يديه ووضع إحدَى كفيه على الأخرى وقال كَوْنُ الشَّىْءِ على الشَّىْءِ يكون هكذا ثم لا يخلو أن يكون مثله أو يكون أكبر منه أو أصغر منه فلا بد من مُخَصِّصٍ يُخَصِّصُهُ وكلُّ مخصوص يَتَنَاهَى والمُتَنَاهِى لا يكون إلهًا لأنه يقتضِى مُخَصِّصًا وذلك أمارة الحدوث ولَمَّا أُورِدَ عليهم هذا الإشكال سقط فى أيديهم ولم يمكنهم الإجابة عنه فَأَغْرَوْا به رَعاعَهُم حتى دفعهم السلطانُ عنه بنفسه ولما دخل عليه وزيره أبو العباس الاسفراينِىُّ قال له ما ترجمته أين كنتَ بَلَدِيُّكَ هذا قد حَطَّمَ معبودَ الكراميَّةِ على رؤوسهم اهـ

٤- ومن بدعهم التى لم يتجاسر عليها أحدٌ قبلهم قَوْلُهُمْ إن معبودهم محل الحوادث تحدثُ فى ذاتِهِ أقوالُهُ وإرادتُهُ وإدراكه للمسموعاتِ والمُبْصَرَاتِ وسَمَّوْا ذلك سمعًا وبصرًا وكذلك قالوا تحدث فى ذاته ملاقاته للصفحة العليا من العرش تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا زعموا أنَّ هذه أعراض تَحْدُثُ فِى ذاته وهو محلٌّ لتلك الحوادثِ الحادثةِ فيه تعالى اللهُ عن ذلك عُلُوًا كبيرًا.

٥- ومن نوادر جهالتهم تفرقتهم بين القول والكلام وقولهم إن كلام الله قديم وقولُهُ حادث وله حروف وأصوات.

٦- ومن بِدَعِهِم قولُهُم إن عليًا ومعاوية كانا إمامين مُحِقَّيْنِ فِى وقت واحد وكان واجبًا على أبتاع كل منهما طاعة أميرهم ولو كان الأمر كما قالوا لوجب أن يكون كل واحد منهما ظالمًا فِى مقاتلة صاحبه.

٧- ومن خرافاتهم فى الفقه قولهم إن الصلاة جائزة فى أرضٍ نجسةٍ وفى مكان نجس وفى ثياب نجسة وإنها جائزة وإن كان بدنه نجسًا وزعموا أن الطهارة من النجاسة ليست واجبةً ولكن الطهارة من الحدث واجبةٌ.

وهذا القدر كاف لتصور هذا المذهب فى سقوطه وتهافته هدنا الله سواء السبيل وثبتنا على الحق ووفقنا لما يحبه ويرضاه اللهم ءامين.

والله أعلم.


[١]المرجع حاشية كتاب إشارات المرام من عبارات الإمام أبى حنيفة النعمان فى أصول الدين للشيخ يوسف عبد الرزاق.