الدعاء والتوسل[١]

قبسات من فوائد الشيخ محمود محمد يوسف
من علماء الشافعية فى الحبشة حفظه الله تعالى

بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وسلم 

سؤال إن محمد صالح العثيمين قال فى شرح رياض الصالحين ج٧ ص١٦٣ إن النبى صلى الله عليه وسلم بايع أصحابه رضى الله عنهم ألا يسأل أحدهم الناس شيئا أخرجه مسلم رقم ١٠٤٣ فهل هذا صحيح.

الجواب:

أورد محمد صالح هذا الحديث للاحتجاج به لمنع طلب الدعاء من أحد وهذا غير صحيح بل يكشف مرض صاحب هذا المقال وأنه ضاربُ القرءانِ بالقرءانِ والحديثِ بالحديثِ والحديثِ بالقرءان. ولا يخفى أن الأحاديث الواردة فى طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء من أمته قد بلغت حدَّ التواتر وأبلغها بعض العلماء مائة وثلاثة وعشرين حديثًا مما يدل على أن طلب الدعاء من عباد الله الصالحين من مهمات الدين والله أعلم.

ومن تلك الأحاديث (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علىَّ فإنه من صلى على صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سَلُوا الله لى الوسيلة فإنها منزلة فى الجنة لا تَنْبَغِى إلا لعبدٍ من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لى الوسيلة حلت له الشفاعة)رواه مسلم فى صحيحه والترمذىُّ وأبو داود فى سننه والنسائىُّ فى سننه.

ووجهُ الدلالة أن قوله صلى الله عليه وسلم ثم (صَلُّوا عَلَىَّ) وقوله (ثم سلوا الله) طلبٌ سواء قلنا بوجوبه أم لا وهكذا قوله (من صلى علىَّ صلاة )كلُّها تدل على جواز طلب الدعاء من الغير والله أعلم.

والحاصل أن القرءان والحديث أدل دليل على أنَّ الله شرع طلب التوسل إليه بكل ما يرضاه من الأعمال وجعل هذه الأعمال متنوعة من الصلاة والزكاة والصوم والحج بالإفراد والاجتماع من نفسه ومن غيره ووسع طريق من أراد الوصول إليه والتقرب منه ولهذا رُوِىَ مرفوعًا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه والله أعلم.

وفى الحديث أن امرأة سوداء أتت النبى صلى الله عليه وسلم فقالت إنى أصرع وإنى أتكشف فادع الله لى قال (إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك) فقالت إنى أتكشف فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها اهـ متفقٌ عليه.

ومنه حديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب فقام عكاشة بن محصن فقال ادع الله أن يجعلنى منهم قال أنت منهم ثم قال رجل ءاخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبقك بها عكاشة اهـ متفق عليه.

فهذا يكفِى ليعرّفك أن محمد صالح العثيمين خالف القرءان والأحاديث معترضًا على الله ورسوله وقد أفضَى إلى ما قدم أحسن الله لنا الختام بجاه النبِىّ عليه الصلاة والسلام.

والله تعالى أعلم.

 


[١] المرجع كتاب ردّ محمود يوسف على ابن عثيمين للشيخ محمود يوسف.