الألبانِىّ شذوذه وأخطاؤه (صيغة الفعل المجهول لا تقتضِى دائمًا التضعيف)[١]

قبسات من فوائد محدث الديار الهندية
الشيخ حبيب الرحمن الأعظمِى
المتوفى سنة ١٤١٢هـ رحمه الله تعالى

الحمد لله ربّ العالمين وصلوات الله وسلامه على البشير النذير سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه.

وبعد فمن الدلائل الواضحة على جهل ناصر الألبانِىّ وقلة بضاعته فى العلم إصراره على أن صيغة الفعل المجهول تستعمل دائمًا للتمريض فكل حديث أو قول يُحكَى بصيغة رُوِىَ أو يُروَى أو يُذكَر فهو عنده ضعيف لا محالة. وهل هذا إلا زعمٌ فاسد واعتقادٌ ظاهر البطلان فكم من حديث أو قول أُشِيرَ إليه بمثل هذه الصِّيغ وهو صحيح قوِىّ لا يحوم حوله شك ولا ارتياب وإليك بعض الأمثلة

١- قال الترمذِىّ رُوىَ عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال ويلٌ للأعقاب إلخ قال المنذرِىّ الذى أشار إليه الترمذى رواه الطبرانِى فى الكبير وابن خزيمة فى صحيحه.

٢-وقال الترمذِىّ حديث عمّار حديثٌ حسن صحيح وقد رُوِى عن عمار من غير وجه (١/١٣٣).

٣-وقد رُوِىَ عن عمار أنه قال تيمَّمنا إلخ (١/١٣٦).

٤-قال الترمذِىّ وقد رُوِىَ عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول بعد التسليم لا إله إلا الله إلخ. أخرجه الشيخان (١/٢٤٤).

٥-قال الترمذِىّ قد رُوِى عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ فى الظهر قدر تنزيل السجدة قلت والحديث أخرجه مسلم كما فى التحفة (١/٢٥١).

٦-قال الترمذِىّ ورُوِىَ عن عمر أنه كتب إلى أبى موسَى (١/٢٥١) قلت ولا شك فى ثبوته عن عمر.

٧-قال الترمذِى ورُوِىَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ فى الفجر من ستين ءاية إلى مائة أخرجه الشيخان (١/٢٥٠).

٨-قال الترمذى ورُوِىَ عنه أنه قرأ إذا الشمس كُوِّرَت أخرجه النسائِى (٢٥٠).

٩-قال الترمذِى ورُوِىَ عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأ فِى المغرب بالطُّور رواه الشيخان وغيرهما (١/٥١).

١٠-قال الترمذِى ورُوِىَ عن أبى بكر أنه قرأ فى المغرب بقصار المُفصَّل قلت أخرجه مالك وابن أبى شيبة والبيهقِى وعبد الرزاق (٢/١٠٩) وهو صحيح.

١١-وقال الترمذِىّ قد رُوِىَ عن النبىّ صلى الله عليه وسلم أنه قال من تمام الصلاة إلخ ورُوِىَ عن على وعثمان أنهما كانا يتعاهدان ذلك إلخ (١/١٩٣) وكل ما ذكره ثابت.

١٢-وقال الترمذِىّ وقد رُوِىَ من غير هذا الوجه عن أنس إلخ. رواه البخارِىّ وسلم وغيرهما (٢/٣).

١٣-قال الترمذِىّ قد رُوِىَ عن عائشة عن النبىّ صلى الله عليه وسلم نحوُ هذا أخرجه مسلم (٢/١٩٣).

١٤-قال الترمذِىّ قد رُوِىَ عن أُبَىِّ بن كعب أنه كان يحلف إلخ وقد أسنده الترمذِىّ بعد ذلك وقال هذا حديث حسن صحيح (٢/٦٩).

١٥-قال الترمذِى وهذا أصح لأنه رُوِىَ عن ابن جريج (٢/٥٠) قعبَّر الترمذى بصغية رُوِىَ عن كلام ابن جريج الذى اعتمد عليه فى إرسال ذلك الحديث. وفى ذلك دليل على أنّ الترمذِى لا يَرَى هذه الصيغة (رُوِىَ) مشعرة بالتضعيف على الدوام.

١٦-قال الترمذى وقد رُوِىَ من غير هذا الوجه ثم أسنده وقال حديث حسن (٣/٤٠).

١٧-قال الترمذِى قد رُوِى من غير وجه عن أبِى هريرة أخرجه الشيخان (٣٨٩).

١٨-قال الترمذِى وقد رُوِىَ عن ابن عباس رواه ابن خزيمة فى صحيحه ٣/٣٩١.

١٩- قال البخارِى ويُذكر عن ابن عباس ... فى الرَّقي بفاتحة الكتاب وقد أسنده فى موضع ءاخر قاله ابن حجر (المقدمة ص ١٧).

٢٠-قال البخارِىّ ويُذكر عن عبد الله بن السائك.... قال ابن حجر هو حديث صحيح على شرط مسلم أخرجه فى صحيحه.

٢١-قال البخارِىّ ويُذكر عن عثمان ... إذا بِعتَ فكِل إلخ قال ابن حجر فالحديث حسن لما عضده من ذلك.

والحقُّ الحقيق بالقبول فى هذا الباب أن صِيغَتَى الجزم والتمريض ينبغِى اعتبارُهُما فلا ينبغِى إطلاق صيغة الجزم فى شىء ضعيف ولا إطلاق كلمة التمريض فى صحيح وقوِىّ لكن أهمل ذلك كثير من المصنفين من الفقهاء وغيرهم كما حكاه ابن حجر عن النووِىّ فى مقدمة فتح البارِى.

ومعنى كون صَيغ الفعل المجهول للتمريض أنها قد تستعمل ويُراد بها التمريض لا أنها وُضِعت لذلك ولا أنها تُستعمل فى هذا المعنى دائمًا إلا أن يكون التزمه أحدٌ من المصنفين كالمنذرِى فى ترغيبه فإنه صرّح أنه إذا ذكر حديثًا مبدوءًا بكلمة يُرْوَى أو رُوِىَ فهو ضعيف.

وأما غيره من المصنفين فصيغة التمريض عند البخارِىّ مثلًا لا يُستفاد منها الصحة (يعنِى أن صيغته لا تدل على كونه صحيحًا عند البخارِى) لكن منه ما هو صحيح ومنها ما هو حسن ومنه ما هو ضعيف وصرَّح به ابن حجر وبرهن عليه بإيراد أمثلته.     

والحاصل أن ما يُحكَى أو يُذكرُ بصيغة التمريض لا تستفاد من هذه الصيغة صحته ولكن لا يلزم من كونه مذكورًا بها أن يكون ضعيفًا لا محالة.

والله تعالى أعلم.


[١]المرجع كتاب الألبانِى شذوذه وأخطاؤه لمحدث الديار الهندية الشيخ حبيب الرحمن الأعظمِى.