مخالفة الشرع عقيدة وعملًا[١]

قبسات من فوائد الشيخ محمد هشام المجذوب

الرفاعِى الحسنِى المتوفى سنة ١٤٣٧ هـ 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه وسلم أما بعد فاعلم يا أخِى وفقنا الله تعالى جميعًا أن المخالفة فى العقيدة كفر أما المخالفة فى العمل فهى فسق وقال الله عز وجل { الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} أى و من عاد قائلًا (إنما البيع مثل الربا) وهذه مخالفة فى العقيدة فهى كفر وليس المعنى ومن عاد إلى تعامل الربا وهو يعتقد أنه حرام من الكبائر.

لكن يخشى من المداومة على المعاصى قسوة القلب المؤدية إلى الكفر وهكذا من قال (إن الخمر حلال أو الزنا أو الربا حلال) فهو كافر أما من فعل ذلك وهو يعتقد أنه حرام من الكبائر فهو فاسق ليس بكافر .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة نمام اهـ رواه مسلم. قال الإمام النووى رحمه الله فى شرح مسلم فى معنى هذا الحديث وأما قوله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة نمام ففيه التأويلان المتقدمان فى نظائره أحدهما يحمل على المستحل بغير تأويل مع العلم بالتحريم. والثانى لا يدخلها دخول الفائزين والله أعلم. نسأل الله العفو الكريم أن يعفو عنا وعن جميع المسلمين ءامين .

وقد يصدر عن المتقين بعض الفواحش ولكن يتوبون عن قريب ولا يصرون على المعصية فقد قال عز وجل { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٣٥) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} وقال سبحانه وتعالى { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ }.

فإياك يا أخى المسلم أن تسارع إلى تكفير المسلمين بفعل المعاصى وهم يعتقدون تحريمها و عليك أن ترغبهم بالتوبة العاجلة قبل هجوم الموت فجأة قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} وخَوِّفْهُمْ من شؤم المعصية فإنها سبب البلاء والأمراض فقد قال تعالى {ومَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} ويُبعث الإنسان على ما مات عليه فمن مات على الطاعة بعث على الطاعة ومن مات على المعصية بعث على المعصية .

والله أعلم.


[١] المرجع كتاب القول الفصل لحسم مسائل الخلاف للشيخ محمد هاشم المجذوب رحمه الله تعالى.