مفاتح الغيب[١]

قبسات من فوائد الشيخ محمد بن يوسف الكافى

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه وسلم وبعد فإنّ أمهات الغيب خمس وذكرت فى القرءان بمفاتح الغيب قال الله تعالى (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) وهى المذكورة فى قوله تعالى (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الأرحام وما تدرِى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت) فمن ادّعى علم واحدة من الخمس كفر لأن الحكم إذا دار بين النفى والإثبات يفيد الحصر.

قال الحافظ أبو بكر ابن العربىّ المسألة السابعة مقامات الغيب الخمسة التى لا يعلمها إلا الله لا أمارة عليها ولا علامة عليها إلا ما أخبر الصادق المجتبَى لاطلاع الغيب من أمارات الساعة والأربعة سواها لا أمارة عليها فكل من قال رجمًا بالغيب إنه ينزل الغيث غدًا فهو كافر أخبر عنه بأمارات ادعاها أو بقول مطلق ومن قال إنه يعلم ما فى الأرحام فهو كافر. فأما الأمارة على هذا فتختلف فمنها كفر ومنها تجربة، والتجربة منها أن يقول الطبيب إذا كان الثدى الأيمن مسودّ الحلمة فهو ذكرٌ وإن كان ذلك فى الثدى الأيسر فهو أنثى وإن كانت المرأة تجد الجنب الأيمن أثقل فهو ذكر وإن وجدت الجنب الأسر أثقل فالولد أنثى وادعى ذلك عادة لا واجبًا فى الخلقة لم نكفّره ولم نفسّقه. وأما من ادعى علم الكسب فى مستقبل العمر فهو كافر لا ريبة فى كفره أيضًا اهـ

ويشهد لما قاله الحافظ ما ذكره النبى صلى الله عليه وسلم فى خاتمة حديث جبريل المطول (هن خمس لا يعلمهنّ إلا الله إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأىّ أرض تموت) ويشهد له أيضا ما أخرجه البخارىّ وحشيش بن أصرم فى الاستقامة وابن أبى حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (مفاتح الغيب لا يعلمها إلا الله لا يعلم ما فى غد إلا الله ولا يعلم متى تغيض الأرحام إلا الله ولا يعلم متى يأتى المطر إلا الله ولا تدرى نفس بأىّ أرض تموت إلا الله ولا يعلم أحد متى تقوم الساعة إلا الله تبارك وتعالى) وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن مسعود قال (أعطى نبيكم كل شىء إلا مفاتح الغيب الخمس ثم قال إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث) إلى آخر الآية اهـ وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر فى قوله وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو قال هو قوله عزّ وجلّ إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث إلى آخر السورة اهـ

والله تعالى أعلم.

 


[١] المرجع كتاب المسائل الكافية فى بيان وجوب صدق خبر رب البرية للشيخ محمد بن يوسف الكافىّ.