خَطْرَة.
ما بين الحدِّ الشرعِىّ والعقوبة الوضعية

الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله

فِى كل يوم نسمع عن سرقة وقتلٍ وخطف وغصب وغير ذلك من الجرائم، يسمع كلٌ منا عن ذلك فِى بلده وفِى غيره وبطريقة وكثافة لم نرها ولا سمعنا عن مثلها فِى الماضِى.  وأنا كلما تفكرتُ فِى ذلك ازدتُ يقينًا بفشل نظام العقوبات المطبق فِى أكثر الدول وما يُسمَى النظامَ الإصلاحِىَّ المُطَبق فيها.  ويخطر لِى أنَّه عندما كان نظام العقوبات الإسلامِىَّ معمولًا به كانت أمثال هذه الجرائم نادرةً حتى إننا لم نسمع فِى التاريخ بإقامة حدِّ الزنا على المحصن مثلًا إلا مرات قليلة على مدى أكثر من أربعة عشر قرنًا.  ولم نسمع بقطع اليد أيضًا إلا نادرًا فإننا أدركنا أجدادنا الذين عاشوا فِى ظل الدولة العثمانية ورأيناهم وسمعنا من أفواههم وقرأنا كتب التاريخ فلم نجد الأمر إلا على الندرة التِى وصفتُ. ثم خطر لِى فوق ذلك أنَّ السارق إذا ثبت عليه الجُرم فِى الشرع تقطع يده فيرتدع عن السرقة هو وغيره كما هو مشاهد وينتهِى الأمر بذلك وأما فِى القوانين العصرية فيلقَى فِى السجن مدة طويلة تنزع عنه فيها ما يسمى بحقوقه المدنية ويختلط فِى خلالها بعُتاة المجرمين ويتعلم طرقهم ومناهجهم ويزداد لصوقًا بهم وتنشأ بينه وبينهم أُلفة وصداقة وارتباط مع كونه مقطوعًا عن عائلته مُنِعَ عنها مصدرُ معيشتها ونفقتها، لا تستطيع زوجته أن تلجأ إليه ولا يكون له أدنى مساهمة فِى تربية أولاده ولا مساعدتهم ولا توجيههم طول مدة حبسه، ويرجع عند خروجه من السجن شخصًا منحرفًا إلى عائلة محطمة فيجر أولاده فِى طريق الفساد وهو فِى الغالب عائد إلى السجن بعد مدة تطول أو تقصر فهل هذا اصلاحٌ وهل هذا ما يريد أن يجررنا إليه دُعاة تقليد الفِرِنجة.

المنتصر بالله.